الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم توكيل النائب في الحج عن غيره شخصا آخر

السؤال

الموكل على الحج عن الغير هل يمكن أن يوكل غيره في حالة عجزه، إذا علمنا أنه اشترط على موكله ذلك.
أفيدونا مأجورين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أولا أن النائب إذا شرع في الحج وأحرم به لم يجز له الرجوع ولا توكيل غيره ولو كان متبرعا، لأن الحج والعمرة يلزمان بالشروع فيهما كما قال تعالى: وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ. {البقرة:196}.

قال ابن كثير رحمه الله: وظاهر السياق إكمال أفعالهما بعد الشروع فيهما؛ ولهذا قال بعده: { فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ } أي: صُدِدْتم عن الوصول إلى البيت ومنعتم من إتمامهما. ولهذا اتفق العلماء على أن الشروع في الحج والعمرة مُلْزِمٌ، سواء قيل بوجوب العمرة أو باستحبابها. انتهى.

وقال الخطيب الشربيني مبينا أن النائب في الحج ليس له الرجوع بعد التلبس بأفعال النسك: ولو رجع المطيع ولو بعد الإذن له عن طاعته قبل إحرامه جاز لأنه متبرع بشيء لم يتصل به الشروع أو بعده فلا لانتفاء ذلك. انتهى.

وعليه؛ فإذا عجز النائب عن إتمام النسك بعد الشروع فيه فحكمه حكم المحصر يتحلل بذبح الهدي إلا أن يكون قد اشترط عند إحرامه أن محلي حيث حبستني، ودم الإحصار على المستنيب إن كان النائب متبرعا لا مستأجرا لأنه كنفقة رجوعه كما قال ابن قدامة رحمه الله.

ثم إذا كان الوقت متسعا فإن المعضوب يستنيب شخصا آخر في الحج عنه وإن كان قد أذن للنائب الأول في الاستتابة فلا حرج في أن يوكل من يقوم بأداء النسك، وأما إن عجز النائب قبل الشروع في الحج وكان قد استأذن موكله في أن يستنيب من يحج بدلا منه عند عجزه فلا حرج في أن يستنيب شخصا آخر في الحج لأن الموكل قد أذن في ذلك وليس علم المستنيب بالنائب شرطا في صحة الحج عنه بدليل أنهم صرحوا بجواز الجعالة في الحج بأن يقول من حج عني فله كذا.

قال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: فَرْعٌ: لو قال الْمَعْضُوبُ من حَجَّ عَنِّي أو أَوَّلُ من يَحُجُّ عَنِّي فَلَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَمَنْ حَجَّ عنه مِمَّنْ سَمِعَهُ أو سمع من أخبره عنه اسْتَحَقَّهَا لِأَنَّهُ جِعَالَةٌ لَا إجَارَةٌ وَالْجِعَالَةُ تَجُوزُ على الْعَمَلِ الْمَجْهُولِ فَعَلَى الْمَعْلُومِ أولى. انتهى.

وإنما يمتنع الحج عنه بغير إذنه.

قال ابن قدامة رحمه الله: فصل: ولا يجوز الحج والعمرة عن حي إلا بإذنه فرضا كان أو تطوعا لأنها عبادة تدخلها النيابة فلم تجز عن البالغ العاقل إلا بإذنه كالزكاة. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة