الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طافت للعمرة وهي حائض وبعد زمن أحرمت بعمرة قضاء عن عمرتها وهي حائض

السؤال

عندما كنت طفلة لم تظهر عليّ علامة من علامات البلوغ, وكنت أمارس العادة السرية, ولا أتذكر أنه خرج مني المني, ولم أكن أغتسل أبدًا لجهلي بما أفعل, وذهبت لأداء العمرة وطفت, علمًا أن ذلك كان قبل البلوغ, وكنت في الوضوء أغسل بترتيب غير صحيح, ولم أكن أستنشق, وكل ذلك كان قبل ظهور علامات البلوغ, وعندما أصبح عمري 20 ذهبت لأداء العمرة, وطفت وأنا حائض, وبعد ذلك بزمن ذهبت لأداء عمرة ثالثة, وطفت وأنا على طهارة, وكان في نيتي أن أقضي العمرة التي طفت فيها وأنا حائض, وقضيتها, وتحللت من الإحرام, وأؤكد أنني نويت أن هذه العمرة الصحيحة هي قضاء للتي كنت فيها حائضًا, وسؤالي الآن هو عن عمرتي التي كنت فيها طفلة, فقد تذكرتها الآن, ولا أعلم هل طوافي صحيح؛ لأنني كنت أمارس العادة السرية جاهلة بحكمها وماهيتها, بالرغم أنني لا أتذكر أنه خرج مني المني, وترتيبي في غسل أعضاء الوضوء لم يكن صحيحًا, وهل عمرتي الثالثة الصحيحة تحل محلها لأني نويت فيها قضاء طوافي وأنا حائض؟ فهل تحل محل عمرتي وأنا صغيرة؟ وأريد أن أستفسر عن من فعل محظورًا من محظورات الإحرام, وأراد صيام ثلاثة أيام, فهل يكون صيامها قبل قص الشعر أم بعده؟ وإذا قمت بتقليم أظافري أو تعطرت أثناء الصيام فهل يصح ذلك؟ ومن فعل ذلك هل يعيد الصيام؟
جزاكم الله خيرًا, وآسفة للإطالة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فسؤالك قد تضمن عدة أمور وسنجيب ـ إن شاء الله تعالى ـ عنها على النحو التالي:

1ـ العمرة الأولى قد ذكرت أنك قد أديتها قبل البلوغ, وهي صحيحة ـ فيما يبدوـ فالغسل لم يلزمك بسبب العادة السرية ما دام المني لم يخرج - كما ذكرت - كما أن ترك الاستنشاق في وضوء الطواف لا يبطله؛ لأن الاستنشاق من سنن الوضوء عند أكثر أهل العلم, وهذا هو الراجح عندنا, كما سبق في الفتوى رقم: 17079.

كما أن عدم الترتيب في غسل أعضاء الوضوء لا يبطله عند بعض أهل العلم القائلين بكونه سنة لا فرضًا, وراجعي الفتوى رقم: 159693

2ـ العمرة الثانية وقد كانت بعد البلوغ ـ كما ذكرت ـ وقد حصل الطواف وأنت حائض, وفي هذه الحالة تكونين باقية على إحرامك حتى ترجعي لمكة للإتيان بالطواف وأنت على طهارة, وإحرامك بالعمرة الثالثة لا ينعقد؛ لأنك ما زلت ملتبسة بالعمرة الناقصة، وطوافك في العمرة الثالثة قائم مقام الطواف من الثانية.

قال ابن قدامة في المغني: وإن أحرم بحجتين أو عمرتين انعقد بإحداهما ولغت الأخرى، وبه قال مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة: ينعقد بهما, وعليه قضاء إحداهما؛ لأنه أحرم بها ولم يتمها. انتهى.

وعلى هذا؛ فالعمرة الثالثة مكملة لما نقص من العمرة الثانية وهو الطواف, ونيةُ كون العمرة الثالثة قضاء عن الثانية لا يضرك؛ لأن العمرة الثالثة لم تنعقد أصلًا؛ لأنك ما زلت متلبسة بإحرام العمرة الثانية.

أما العمرة الأولى الحاصلة قبل البلوغ فهي صحيحة - كما ذكرنا - ولا تحتاج لقضاء.

وما حصل من محظورات الإحرام قبل التحلل من العمرة الثانية جهلًا منك: إن كان من قبيل الترفه - كلبس المخيط, واستعمال الطيب - فلا شيء فيه، وما كان منها من قبيل الإتلاف - كالحلق, وقص الأظافر - ففي كل جنس منه فدية، وراجعي الفتوى رقم: 14023

3ـ المرأة لا تتحلل من عمرتها إلا بقص بعض الشعر, ويكون ذلك بقدر الأنملة, كما ذكرنا في الفتوى رقم: 187405.

وإذا أردت صيام ثلاثة أيام عن الفدية فيجوز ذلك قبل تقصير الشعر وبعده؛ لأن صيام الفدية يجوز في كل زمان ومكان, جاء في حاشية الدسوقي المالكي متحدثًا عن أنواع الفدية: (قوله: ولم يختص بزمان، أو مكان) أي فيجوز الصوم في أي زمان يصح صومه، وفي أي مكان . انتهى

وفي حال حصول الطيب أو تقليم الأظافر أثناء صيام الفدية فإن كان ذلك بعد تقصير الشعر فلا شيء عليك؛ لأنك قد تحللت من العمرة, وإن كان ما ذُكر من الطيب وما بعده قبل تقصير الشعر ففيه الفدية.

أما الصيام فهو صحيح على كل حال, ولا يبطل باستعمال الطيب, ولا تقليم الأظافر أو نحوهما.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة