الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من أحرم في الطائرة وليس معه ثياب الإحرام

السؤال

لي صديق في العمل ذهب إلى العمرة وهو الآن في الطائرة، وللأسف فقد نسي أن يأخذ ثياب الإحرام معه وسوف يمر فوق الميقات، فماذا يفعل؟ أفيدونا أفادكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز لمن يمر على أحد المواقيت وهو يريد الحج أو العمرة أن يتجاوزه دون إحرام، والإحرام هو نية الدخول في النسك ولا يشترط في صحته لبس ثياب الإحرام، بل مجرد النية يحصل به الدخول في الإحرام ويجب على المحرم اجتناب محظورات الإحرام, كالملابس العادية إن تيسر له ذلك، قال الشيخ العثيمين رحمه الله: والمراد بالإحرام النية دون الاغتسال ولبس ثياب الإحرام, وأكثر العامة يحملون معنى الإحرام على لبس ثياب الإحرام وليس كذلك, والإحرام سيأتينا ـ إن شاء الله ـ في الباب الذي يلي هذا الباب أنه نية الدخول في النسك. انتهى.

وبناء عليه، فيجب على هذا الأخ الإحرام في الطائرة عند محاذاة الميقات ولو لم يجد ملابس الإحرام، قال ابن باز رحمه الله تعالى: القادم عن طريق الجو أو البحر يحرم إذا حاذى الميقات ـ مثل صاحب البر ـ فإذا حاذى الميقات أحرم في الجو أو البحر أو قبله بيسير حتى يحتاط لسرعة الطائرة وسرعة السفينة أو الباخرة.. اهـ.

وقال ابن عثيمين رحمه الله تعالى: فإذا كان في الطائرة وهو يُريد الحج أو العمرة، وجب عليه الإحرام إذا حاذى الميقات من فوقه، فيتأهب ويلبس ثياب الإحرام قبل محاذاة الميقات، فإذا حاذاه عقد نية الإحرام فوراً، ولا يجوز له تأخيره إلى الهبوط في جُدّة، لأن ذلك من تعدي حدود الله تعالى... اهـ.

ومن تجاوز الميقات من دون إحرام عمداً فهو آثم، وإن كان خطأً أو جهلاً أو نسياناً فلا إثم عليه، ويجب عليه أن يعود إلى الميقات ويُحرم منه، ولا دم عليه عند الشافعية والحنابلة والمالكية، لأنه أحرم من الميقات الذي أُمِر بالإحرام منه، فلم يلزمه شيء، كما لو لم يتجاوزه، وإنما وجبت عليه العودة إليه، لأنه واجب عليه أمكنه فعله، فلزمه كسائر الواجبات تداركاً لإثمه وتقصيره، فإن لم يمكنه العودة إليه أحرم من مكانه، ولزمه دم، وهو ذبح شاة توزع على فقراء مكة، قال العلامة الشنقيطي رحمه الله: اعلم أن جمهور أهل العلم على أن من جاوز ميقاتا من المواقيت المذكورة غير محرم، وهو يريد النسك، أن عليه دماً، ودليله في ذلك أثر ابن عباس، الذي قدمناه موضحاً: من نسي من نسكه شيئاً أو تركه فليهرق دماً ـ قالوا: ومن جاوز الميقات غير محرم، وهو يريد النسك فقد ترك من نسكه شيئاً، وهو الإحرام من الميقات، فيلزمه الدم. انتهى.

وأما إن أحرم مريد الحج أو العمرة من ميقاته دون أن يلبس ملابس الإحرام نظرا لعجزه عنها، فإن عليه أن يلبس ثياب الإحرام بعد نزوله من الطائرة وعليه فدية على التخيير، وهي: صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من أرز ونحوه، أو ذبح شاة، كما في حديث كعب بن عجرة وهو في الصحيحين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة