الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمرة للمرأة إن اكتشفت بعدها أن بيدها طلاء أظافر لم تزله

السؤال

اعتمرت قبل قليل، ولاحظت بعد انتهائي أن في يدي طلاء الأظافر –مناكير- فهل تبطل عمرتي أم يجب عليّ دم -أسعدكم الله وجزاكم خيرًا-؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فطلاء الأظافر -المناكير- لا يجزئ الوضوء مع وجوده, لكونه مانعًا من وصول الماء للبشرة, جاء في مجموع الفتاوى للشيخ ابن عثيمين: وسُئل فضيلة الشيخ: عن حكم وضوء من كان على أظافرها ما يسمى بـ (المناكير)؟

فأجاب بقوله: ما يسمى (المناكير) وهو شيء يوضع على الأظفار تستعمله المرأة، وله قشرة، لا يجوز استعماله للمرأة إذا كانت تصلي؛ لأنه يمنع وصول الماء في الطهارة، وكل شيء يمنع وصول الماء فإنه لا يجوز استعماله للمتوضئ، أو المغتسل؛ لأن الله يقول: (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ)، وهذه المرأة إذا كان على أظافرها مناكير، فإنها تمنع وصول الماء فلا يصدق عليها أنها غسلت يدها، فتكون قد تركت فريضة من فرائض الوضوء أو الغسل. انتهى

وعلى هذا فإنك بمنزلة من طاف للعمرة دون طهارة لعدم صحة الوضوء, وجمهور أهل العلم على أن الطواف لا يجزئ دون طهارة, ومن ثم فمن طاف بغير طهارة فكمن لم يطف، خلافًا للحنفية، ورواية للحنابلة, وهو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية, كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 29645.

فعلى مذهب الجمهور يجب عليك الآن الكف عن جميع محظورات الإحرام: من تطيب، وقص شعر، وجماع، أو مقدماته إلى آخرها حتى ترجعي لمكة، إن كنت قد خرجت منها، ثم تأتي بطواف صحيح، ثم بسعي بعده، ثم تقصرين من شعرك؛ وبذلك يحصل التحلل من هذه العمرة.

وإذا أقدمت على شيء من محظورات الإحرام قبل التحلل من عمرتك، فما كان منه من قبيل الإتلاف، كقص الشعر، وتقليم الأظافر، ففي كل جنس منه فدية واحدة، والفدية هي: شاة تذبح بمكة، وتوزع على المساكين هناك، أو صوم ثلاثة أيام، أو التصدق بثلاثة آصع من طعام على ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ، وما كان من قبيل الترفه، كلبس المخيط، واستعمال الطيب، فلا شيء فيه إذا كان جهلًا؛ وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 14023.

وإن حصل منك جماع جهلًا، فلا تفسد عمرتك عند كثير من أهل العلم، كما ذكرنا في الفتوى رقم: 15047.

والقول بعدم اشتراط الطهارة للطواف هو مذهب الحنفية، ورواية للحنابلة كما سبق, وهو قول مرجوح عندنا، لكننا قد بينا في الفتوى رقم: 125010، أن الأخذ بالقول المرجوح والفتوى به بعد وقوع الأمر، مما سوغه كثير من العلماء، ومن ثم فتكون عمرتك صحيحة, ويلزمك دم.

مع التنبيه على أنه يجب عليك إعادة جميع الصلوات التي أديتها مع وجود طلاء الأظافر؛ لكونها قد وقعت بدون وضوء، وقد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية عدم وجوب الإعادة, كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 125253.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة