الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ميقات من دخل مكة بدون إحرام ويريد أداء العمرة

السؤال

أمي في الخمسينيات من عمرها، ومن سكان الرياض، ودائما تذهب إلى مكة وتقيم فيها فترة طويلة، وفي هذه المرة جلست في مكة شهرا وبعدها زارت المدينة المنورة وأقامت في المدينة عشرة أيام، وكان في نيتها إذا رجعت إلى مكة أن تؤدي عمرة، لكن الدورة نزلت عليها وهي في المدينة، ولأنها في بداية الدورة غيرت نيتها ولم تحرم من ميقات المدينة، وذهبت إلى مكة من غير إحرام، وهي الآن في مكة منذ شهر تقريباً، فهل تستطيع أن تؤدي عمرة؟ وهل تحرم من التنعيم؟.
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فما دامت أمك قد عدلت عن نية الاعتمار وهي في المدينة وبقيت كذلك حتى دخلت الحرم، فلا حرج عليها في دخول مكة من غير إحرام، وراجع فتوانا رقم: 163315، بعنوان: حكم دخول بمكة بغير إحرام لمن لا يريد العمرة.

وإذا أرادت أن تعتمر وهي في مكة، فإنها تخرج إلى أدنى الحل وتحرم منه، فتخرج إلى التنعيم، أو ما يعرف بمسجد عائشة وتحرم منه، وقد دلت السنة على أن من كان في مكة وأراد أن يعتمر أنه يخرج ويحرم من الحل، وذلك فيما ثبت في الصحيحين: أنه صلى الله عليه وسلم أمر عائشة لـمَّا أرادت العمرة وهي في مكة أن تحرم من الحل.

قال النووي في شرح قول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن أبي بكر: اُخْرُجْ بِأُخْتِك مِنْ الْحَرَم فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ ـ فِيهِ دَلِيل لِمَا قَالَهُ الْعُلَمَاء أَنَّ مَنْ كَانَ بِمَكَّة وَأَرَادَ الْعُمْرَة فَمِيقَاته لَهَا أَدْنَى الْحِلّ، وَلا يَجُوز أَنْ يُحْرِم بِهَا مِنْ الْحَرَم، قَالَ الْعُلَمَاء: وَإِنَّمَا وَجَبَ الْخُرُوج إِلَى الْحِلّ لِيَجْمَع فِي نُسُكه بَيْن الْحِلّ وَالْحَرَم، كَمَا أَنَّ الْحَاجّ يَجْمَع بَيْنهمَا، فَإِنَّهُ يَقِف بِعَرَفَاتٍ وَهِيَ فِي الْحِلّ، ثُمَّ يَدْخُل مَكَّة لِلطَّوَافِ وَغَيْره، هَذَا تَفْصِيل مَذْهَب الشَّافِعِيّ، وَهَكَذَا قَالَ جُمْهُور الْعُلَمَاء أَنَّهُ يَجِب الْخُرُوج لإِحْرَامِ الْعُمْرَة إِلَى أَدْنَى الْحِلّ، وَأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِهَا فِي الْحَرَم وَلَمْ يَخْرُج لَزِمَهُ دَم، وَقَالَ عَطَاء: لا شَيْء عَلَيْهِ، وَقَالَ مَالِك: لا يُجْزِئهُ حَتَّى يَخْرُج إِلَى الْحِلّ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: وَقَالَ مَالِك: لا بُدّ مِنْ إِحْرَامه مِنْ التَّنْعِيم خَاصَّة، قَالُوا: وَهُوَ مِيقَات الْمُعْتَمِرِينَ مِنْ مَكَّة، وَهَذَا شَاذّ مَرْدُود، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْجَمَاهِير أَنَّ جَمِيع جِهَات الْحِلّ سَوَاء، وَلا تَخْتَصّ بِالتَّنْعِيمِ. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة