الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم اعتمار من عليه قرض لا يستطيع سداده حاليا على نفقة غيره

السؤال

أنا فتاة مسلمة غير متزوجة، وعرض علي أخي أداء العمرة على حسابه، وأنا علي ديون لا أستطيع أداءها في الوقت الحالي. فهل عمرتي جائزة؟ وبماذا تنصحونني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا حرج عليك في قبول هذا العرض والذهاب إلى العمرة على حساب أخيك إن كان هو أو غيره من المحارم سيصحبك إلى العمرة، وهذا العرض إن كان لا يوجب عليك أداء العمرة فإنك إن اعتمرت به سقط عنك الوجوب، وحصل لك الأجر والثواب -إن شاء الله تعالى-.

وبخصوص الدين الذي عليك: فإن الدين الذي يمنع من الخروج إلى العمرة أو الحج بدون إذن صاحبه هو دين الموسر الحالّ؛ قال النووي -رحمه الله- في المجموع: "مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ وَهُوَ مُوسِرٌ يَجُوزُ لِمُسْتَحِقِّ الدَّيْنِ مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ إلَى الْحَجِّ وَحَبْسُهُ مَا لَمْ يُؤَدِّ الدَّيْنَ". اهـ.

أما دين المعسر أو الدين الذي لم يحل أجله: فإنه لا يمنع من الحج أو العمرة؛ قال النووي في المجموع: "وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَا مُطَالَبَةَ وَلَا مَنْعَ، وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَلَا مَنْعَ وَلَا مُطَالَبَةَ؛ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَخْرُجَ حَتَّى يُوَكِّلَ مَنْ يَقْضِي الدَّيْنَ عِنْدَ حُلُولِهِ". اهـ.

ولذلك فإن كنت عاجزة عن أداء دينك في الوقت الحاضر فلا حرج عليك في الذهاب إلى العمرة، وكذلك إذا كان مؤجلًا ولم يحل أجله، وينبغي أن توكلي من يقوم عنك بأدائه عند الحلول إن أمكن وكان مؤجلًا. وراجعي فتوانا رقم: 130704 بعنوان: سداد الدين أم أداء العمرة.
والذي ننصحك به -بعد تقوى الله تعالى- هو: قبول هذا العرض، وانتهاز الفرصة لأداء هذه الطاعة العظيمة؛ فعن خالد بن عدي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من جاءه من أخيه معروف من غير إشراف ولا مسألة فليقبله ولا يرده؛ فإنما هو رزق ساقه الله إليه. أخرجه ابن حبان، والحاكم، وأحمد، والبيهقي، وصححه الألباني.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة