الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزواج دون رضا الوالدين من امرأة ليس لها دين بعد أن تسلم

السؤال

أنا شاب عمري 29 سنة، ولم أستطع الزواج بسبب الوضع المادي الضعيف، ودائمًا أستخدم العادة السرية؛ لأني لو لم أفعل لكنت وقعت في الزنا؛ لأنها المهدئ الوحيد لشهوتي، وتعرفت إلى فتاة صينية ليس لها دين، وهي مطلقة، واتفقنا أن أذهب إليها، فتسلم في اليوم الأول على يدي، وفي اليوم الثاني نذهب إلى أبيها وأتزوجها، وسأحرص كل الحرص على تحقيق جميع شروط صحة العقد من ولي، وشهود، وسأجعلها تنطق الشهادتين وأوضح لها معناها، ثم أوضح لها ما يجب عليها، فهل يكفي هذا لتكون مسلمة، ويحل زواجي منها، ثم أعلمها كل شيء بعد ذلك -وهي مستعدة أيضًا-؟ وما حكم الشرع فيما أقوم به؟ وما رأي العقل في ذلك أيضًا؟ علمًا أن هذا قد يسبب عدم رضا الوالدين عني، ولكني سأبذل كل وسعي -جزاكم الله خيرًا-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإننا نود أولًا أن نرشدك إلى بعض الفتاوى المتعلقة بحكم الاستمناء خشية الوقوع في الزنا، وكلام أهل العلم بهذا الخصوص؛ فراجع الفتوى رقم: 7170، والفتوى رقم: 4536، والفتوى رقم: 2720.

وأما زواجك من هذه المرأة المذكورة: فالشرع، والعقل يقتضيان عدم الإقدام على الزواج منها؛ فأما الشرع: فلكون الإسلام يعني الاستسلام له بالوحدانية، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله، وهذه أمور قد لا تحقق في مثل هذه الحال، والورع، والاحتياط ألا يتزوج المسلم إلا من مسلمة متحققة بالإسلام قولًا، وعملًا، وانظر الفتوى رقم 5398.

وأما العقل: فإنه بمقتضى التجربة تبين أن كثيرًا من غير المسلمين -رجالًا، أو نساء- قد يتظاهر بالإسلام بغرض الزواج، فإن تم له ما أراد كشف حقيقة أمره، وأنه لم يسلم حقيقة، وينتج عن ذلك مفاسد كثيرة.

وإذا انضم إلى ما ذكرنا عدم رضا الوالدين بهذا الزواج تأكد أمر البعد منه، واجتناب هذه المرأة؛ فاحرص على امرأة مسلمة صالحة ترضى وأهلها باليسير لتتزوج منها، وثق بالله تعالى، فإنه سيعينك في هذا السبيل، فهو القائل: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور:32}، وفي سنن الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف.

وإن لم يتيسر لك الزواج فاتق الله، واصبر، واعمل على كل ما يعينك على العفاف من الصوم، وصحبة أهل الصلاح، والبعد عما يثير الشهوة، إلى غير ذلك من أسباب العفاف، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 243196.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة