الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم بيع السلعة المرهونة بغير إذن المرتهن

السؤال

جزاء الله القائمين على هذا الموقع خير الجزاء: توجد في أمريكا شركات تقوم بعروض، وهي عبارة عن توزيع جوالات بمبالغ رسمية مخفّضة جداً أقل من سعرها الأصلي ب 30%، وأحياناً تعطيهم دون مقابل، شريطة أن تشترك معهم في خدمة فوترة لمدة سنتين، وهذه الشركات مثل: ATT أو SPRINT أو T-moble ـ ولا يسمحون أن يبيع التلفون ليشخص حتى يتم العقد الذي بينهم وهو خدمة فوترة لمدة سنتين وإن باعه فِإنه يدفع المبلغ كاملا لشركة أو يوضع على اسمه خط أحمر فلا يستطيع أن يشترك معهم حتى يدفع الذي عليه فبعض الناس يذهب مباشرة أو بعد أيام لبيع هذا الجوال إلى صاحب محل تلفونات، وصاحب المحل يضطّر أن يرسله إلى اليمن، ولنا شركة تحظر هذا الجهاز لعدم دفع الفاتورة الشهرية، وفي اليمن يفتحون هذا الحظر ويشتغل بسهولة، فما حكم شراء هذا التلفون في اليمن؟ وما حكم التلفونات التي تأتي من أمريكا للذي لا يعرف هل هي مسروقه أم لا؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فظاهر ما ذكرت من شأن هذه المعاملة أنها جمعت بين بيع الجوال وإجارة منفعة الخط في عقد واحد بثمن واحد، وهذا جائز على الراجح، قال ابن تيمية رحمه الله: ويجوز الجمع بين البيع والإجارة في عقد واحد في أظهر قوليهم. اهـ.

وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 70907 ، 192077، 102414.

وعليه؛ فمن دخل في ذلك العقد فيلزمه الوفاء بالشرط وسداد المبلغ المتفق عليه, وأما الجوالات ذاتها فهي ملك لهم؛ لكن إن كانت مرهونة في ثمنها، فليس لهم بيعها باليمن أو غيرها حتى يتم سداد الثمن، أو تحرر من الرهن بأن يأذن صاحب الحق في بيعها والتصرف فيها، جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم: 53ـ2ـ 6 ـ يجوز للبائع أن يشترط على المشتري رهن المبيع عنده لضمان حقه في استيفاء الأقساط المؤجلة. انتهى.

وما ذكر في السؤال يقتضي كون الجوالات مرهونة في أثمانها ولم تأذن الشركة في بيعها، ولذا يحتالون بنقلها إلى مكان آخر، وبيع المرهون محل خلاف عند أهل العلم، فمنهم من ذهب إلى أنه بيع باطل من أصله؛ كما جاء في كشاف القناع من كتب الحنابلة: وتصرف راهن في رهن لازم أي مقبوض بغير إذن المرتهن بما يمنع ابتداء عقده كهبة ووقف وبيع ونحوه، لا يصح. اهـ.

وذهب آخرون إلى أنه بيع صحيح موقوف على إجازة المرتهن، كما جاء في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: فبيع المرهون صحيح، ولكنه موقوف على رضا المرتهن. اهـ.

ولكن حتى لوقيل برجحان جواز البيع مع إذن المرتهن، فالظاهر هنا أنه لم يأذن، ولذا يلجأ الى حيلة بيعها خارج بلد الشركة، وبالتالي فلا يصح بيعها.

وأما الجوالات التي بأيدي الناس أو في المحلات للبيع ولم يعلم ما يمنع التعامل بها، فلا حرج في شرائها، ولا تترك لاحتمال أن تكون مسروقة أو غير ذلك، قال ابن تيمية في الفتاوى: والأصل فيما بيد المسلم أن يكون ملكا له إن ادعى أنه ملكه... إلى أن قال: فإذا لم أعلم حال ذلك المال الذي بيده، بنيت الأمر على الأصل.... انتهى.

لكن لو غلب على الظن أنها مرهونة وتباع دون إذن المرتهن، فلا يجوز التعامل مع أصحابها، لأنه ـ بغالب الظن يدور المعتبر ـ كما قال العلوي في مراقيه، وهنا مسألة أخرى تتعلق بقولك: وأحياناً تعطيهم دون مقابل شريطة أن تشترك معهم في خدمة فوترة لمدة سنتين ـ ففي هذه الحال يكون العقد قد جمع بين الهبة والإجارة، وهذا لا يصح، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 133075.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة