الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا وأسرتي نحتاج لشراء شقة بالتقسيط، حيث إننا لا نملك ثمن الشقة كاملاً في الوقت الحالي، ولا نمتلك سكناً ملكاً للإقامة فيه.
وقد حرصنا على أن نبحث في بنود عقد الشراء بالتقسيط، من حيث مطابقتها للشرع:
- من حيث طريقة السداد: فإن العقد ينص على أن يقسم ثمن الشقة إلى قسم (معلوم القيمة، ومكتوب في العقد) يدفع مقدماً حال التعاقد. والقسم الآخر يدفع مؤجلاً على أقساط (قيمتها محددة وآجالها، ومكتوبة في العقد)
(بدون أية فوائد، أو نسب سنوية متغيرة)
- من حيث غرامات التأخير:
فإن العقد لا ينص على أية غرامات مالية، توقع على المشتري في حال تأخره عن سداد قيمة أحد الأقساط. ولكن ينص على أن للبائع فسخ العقد في هذه الحالة، ورد ما دفعه المشتري إليه بعد خصم مبلغ محدد القيمة، ومنصوص عليه في العقد كتعويض.
- من حيث انتقال ملكية الشقة رسميا: فإن الحق في ملكية الشقة لا تنتقل رسمياً إلى المشتري إلا بعد الانتهاء من دفع جميع أقساطها، ولكن يستلمها المشتري وينتفع بها (أي يقيم فيها) من تاريخ توقيع العقد.
ولقد قرأت في فتاوى أخرى سابقة، أن الشرط الأخير غير جائز شرعا؛ حيث كُتب: " لا يجوز للبائع أن يحتفظ بملكية المبيع، ولكن يجوز له أن يشترط على المشتري رهن المبيع عنده لضمان حقه في استيفاء الأقساط المؤجلة "
فالسؤال هنا: ما معنى رهن الشقة لدى البائع؟
وما الكيفية التي يمكن بها تنفيذ هذا الرهن، مع إقامتنا في الشقة من تاريخ التعاقد؟
وهل عدم انتقال ملكية الشقة رسمياً إلينا، لحين الانتهاء من دفع جميع أقساطها، يشبه ما رُوي عن عائشة -رضي الله عنها- عندما أخبرتها بريرة بمكاتبة أهلها على تسع أواقٍ، كل عام أوقية. ففي شرح الحديث قرأت أن عقد الكتابة قبل الأداء لا يستلزم العتق، أي أنها ما كانت لتحصل على حريتها قبل استيفاء الأواقي التسع؟
مع العلم بأننا لا نملك أي مال آخر، أو وديعة ائتمانية أو استثمارية، أو أي عقار آخر، أو سيارة لرهنها عند البائع لحين اكتمال دفع الأقساط، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع اليهودي حين رهن عنده درعاً من حديد.
فما المخرج الشرعي لنا؟ وكيف يمكن لنا تحقيق هذا الشراء بما لا يخالف الشرع، ولا يضر بمصلحة البائع أو المشتري؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاشتراط عدم نقل ملكية الشقة في الأوراق الرسمية، ومنع المشتري من بيعها -رغم انتفاعه بسكناها- إلا بعد سداد جميع الأقساط، جائز، وهو داخل فيما يسمى بالرهن الرسمي، وراجعي الفتوى رقم: 74093
واشتراط فسخ العقد عند مماطلة المشتري في السداد جائز، لكن اشتراط دفع تعويض مالي عند الفسخ، غير جائز؛ كما بيناه في الفتوى رقم: 332107
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة