الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب الحج على من ملك نقودا لشراء دار يحتاج إليها

السؤال

نحن نعيش في الغربة ومن المحتمل عدم توفر تأشيرة الحج في السنة القادمة وأنا ملتزم بسداد ديون لوالدي ووالدة زوجتي ولا أمتلك بيتا أو سيارة في بلدي والإيجارات في الغربة باهظة الثمن وبالكاد أسدد ثمن الأثاث الذي نتمتع به, علما بأن هذا الأثاث يكاد يفقد أكثر من نصف ثمنه تقريبا عند قرار بيعه للعودة إلى الوطن. كما أن في ذمتي مؤخر الصداق لزوجتي رغم أنها طلبت أن تحج معي منه. فبناء على ما ذكر في الأعلى متى أصبح ملزما للحج؟ وهل يجب أن يكون لي بيت أمتلكه أو سيارة في بلدي أم يكفي القدرة على شراء الأثاث ودفع الإيجار؟ وهل أقوم بمحاولة الحج هذا العام حيث قالوا إنه آخر عام للمقيمين للحصول على تأشيرة؟ أرجو الإفادة بالترتيب الشرعي الصحيح.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن المعلوم أن الحج لا يجب إلا على المستطيع؛ لقول الله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً {آل عمران: 97} ، وقد بينا ضابط الاستطاعة في الفتوى رقم: 12664، فبالرجوع إلى تلك الفتوى يتبين للسائل متى يصير ملزما بالحج ، وأما هل يجب أن يكون لك بيت تمتلكه أو سيارة.. الخ فالأمر لا يخلو من حالين:

الأولى: أن تكون غير مالك لثمن المسكن حاليا وعندك ما يكفي لأداء الحج وتسكن بالإيجار فيجب عليك الحج ولا يجوز تأخيره بحجة جمع مال لشراء المسكن في بلدك، ولم نجد من الفقهاء من جعل الاستطاعة متعلقة بامتلاك مسكن، وإنما اشترطوا أن يكون له مال فاضل عن حاجاته الأصلية كمؤنة مسكن ونحوه، وهذا لا يعني اشتراط تملك المسكن بل لو كان قادرا على أجرة المسكن مع بقية الحوائج الأصلية وجب عليه الحج.

جاء في كشاف القناع من كتب الحنابلة: ويعتبر أن يكون ذلك فاضلا عن قضاء دينه وأجرة مسكنه وحوائجه كالحج. وأما السيارة فهي تعتبر في هذا الزمن عند بعض المجتمعات من الحوائج الأصلية فيمكن تقديم شرائها على الحج، وقد عدها العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى من الحوائج الأصلية؛ كما في شرح كتاب المناسك من الزاد.

الحالة الثانية: أن تكون حاليا مالكا لثمن السكن فإن لك أن تشتري به سكنا قبل قدوم موسم الحج وإن بقي ما لا يفي بالحج فلا إثم عليك، وإن جاء موسم الحج ولم تشتر منزلا فقد جاء وأنت مستطيع فوجب عليك صرف ذلك المبلغ في الحج.

جاء في الموسوعة الفقهية: إذا ملك نقودا لشراء دار يحتاج إليها وجب عليه الحج إن حصلت له النقود وقت خروج الناس للحج، وإن جعلها في غيره أثم. أما قبل خروج الناس للحج فيشتري بالمال ما شاء لأنه ملكه قبل الوجوب على ما اختاره ابن عابدين.. انتهى.

وقولك (إنك ملتزم بسداد الديون) إن كنت تعني أنك صرت ملزما شرعا بحيث صارت تلك الديون متعلقة بذمتك أو أنك صرت مجبرا من الدولة بسدادها فإنه لا يجب عليك الحج إذا توفرت الشروط المذكورة في الفتوى رقم: 78064، وأما إن كنت متبرعا بسداد تلك الديون ولست مجبرا على دفعها فهذا لا يمنع وجوب الحج عليك لأنك لست ملزما شرعا بسدادها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة