الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بسبب خطبة مخيبة للآمال صرت أتخبط وأسيء الفهم!

السؤال

السلام وعليكم.

أستاذي الفاضل: أرجو أن توضح لي ما تغير علي فهمه، أنا في تخبط شديد في موضوع التوقع والأمل بالله خيراً، أتوقع كل ما هو جميل من الله وأتوقع الكثير من خيراته، فخزائن الله مليئة.

حدث لي شيء فتوقعت أمراً ما فحصل العكس! هل هي إشارة من الله لأتوقف عن الآمال العالية والكبيرة؟ كأن أتأمل بزوج صالح ومحترم وعائلة طيبة، وهكذا أرفع سقف آمالي بالله، والخوف من عدم حصولها، بسبب خطبة صارت مخيبة للآمال.


أرجو تفسير وشرح الموضوع لي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أختنا الفاضلة- ونشكر لك التواصل المستمر مع موقعك، ونسأل الله أن يوفقك وأن يرفع درجتك، وأن يصلح حالنا وحالتك، وأن يحقق في طاعته آمالك.

لا تقطعي الأمل في الله، ولا تتركي الثقة فيه سبحانه، ولا تتوقفي عن الطموح العالي؛ فإن هذا منهج الأنبياء ووصية رسولنا إمام وسيد العباد الحنفاء، وهو الذي أوصانا بأن نعزم في السؤال، فالعظيم لا مستكره له، وخزائنه ملأى، ويده سحاء مبسوطة، ولو لبى ما نطلبه ونفذ لجميع أهل الأرض أمنياتهم ما نقص كل ذلك من ملكه شيئاً سبحانه.

إننا بحاجة إلى:

- استمرار في الدعاء بإلحاح وافتقار وتكرار؛ إذ لا بد لمكثر القرع للأبواب أن يلج.

- اليقين أن كل شيء بقضاء وقدر، وأنه لكل أجل كتاب.

- الثقة بأن الذي يقدره الله هو الخير، وأنه لو كشف الحجاب لما تمنى الناس إلا ما قدر لهم.

- رعاية آداب السؤال وتحري أوقات الإجابة، وتجنب الاستعجال، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل، قيل يا رسول الله: وما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجب لي فيستحسر عند ذلك ويترك الدعاء).

- معرفة فقه الإجابة، فالأمر كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما من مسلم أو مسلمة يدعو الله بدعوة إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يستجيب الله دعوته، وإما أن يدخر له من الأجر مثلها، وإما أن يدفع عنه من البلاء مثلها) وحق لكل من رفعوا أكف الضراعة إلى الله أن يستبشروا، فربنا حيي كريم يستحيي من أمته وعبده إذا رفعوا أيديهم أن يردهم صفراً.

- مراجعة النفس وتصحيح المسير، وكثرة الاستغفار لنكون أهلاً للإجابة، وهذا يفهم من كلام ابن الجوزي وهو يثني على سلف الأمة، حيث يقول: "كانوا يسألون الله فإن أعطاهم شكروه، وإن لم يعطهم كانوا بالمنع راضين، يرجع أحدهم بالملامة على نفسه، فيقول: مثلك لا يجاب، أو لعل المصلحة في أن لا أجاب".

هذه عبارات تعقبها مراجعة ومحاسبة للنفس، ثم تأتي الإجابات وتتنزل الخيرات.

هذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، وأن يلهمك السداد والرشاد والطواعية لرب العباد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً