كرب وهم قبل الزواج من شخص لا أريده مع أنه خلوق.. هل من نصيحة؟
2012-07-11 12:55:56 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشعر بألم وجرح غائر في نفسي، وهوان شديد، فأنا مضطرة للزواج من شخص لا أريده، ولا أراه مناسبا، وذلك بسبب بعض الظروف، الكل أشاد بأخلاقه وأهله، ولكني أشعر بالهم وأخشى ألا أحبه وأعيش في كدر، وغم بقية حياتي، أو أشعر بالعقدة والنقص.
هل من نصيحة؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور الإيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يمنّ عليك بزوج صالح يكون عونًا لك على طاعته ورضاه.
وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – بأنك تشعرين بألم وجرح غائر في نفسك وهوانٍ شديد، حيث إنك مضطرة للزواج من رجل لا تريدينه ولا تعتقدين أنه مناسب، ولكن الظروف دفعتك لذلك، وتقولين بأنك تخافين ألا تحبينه، وتخافين أن تعيشي معه في كدر وغمٍّ بقية حياتك، أو تشعري بالعقدة والنقص.
أنا أقول لك - أختي الكريمة الفاضلة - : لماذا نحكم على الغيب ولم نعشه؟! أنت تقولين بأن هذا الرجل الكل أشاد بأخلاقه، ماذا تريدين أكثر من الأخلاق والدين، ما دام الرجل صاحب أخلاق هل تظنين أنك ستضيعين معه؟ إن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) أنت لم تتكلمي عن الدين – مع الأسف – ولكن أقول: حتى وإن كان الرجل دينه ضعيف ما دام عنده أخلاق فبينه وبين الناس قدرة على التواصل والتأقلم، عنده قنوات تواصل، لأن الأخلاق – كما تعلمين وكما ذكر العلماء – هي أسرع وسيلة مواصلات إلى قلوب الناس، فإذا كان الإنسان يتمتع بخلق فاضل أحبه أقرب الناس إليه وأبعد الناس عنه، وكثيرًا من الناس حقيقة يحبهم الناس لأخلاقهم وإن كان دينهم ضعيف.
نعم مما لا شك فيه أن الدين يبقى هو الأصل والأساس، ولكن فرضًا بأنك مضطرة لذلك، ما دام الرجل عنده أخلاق أرى ألا تخافي، بإذن الله تعالى ستكون الأمور طيبة.
كونك تقولين بأنك تخافين ألا تحبينه: هل كل حياة زوجية تقوم على الحب - أختي الكريمة نور الإيمان - ؟! إن الحياة الزوجية تقوم على مبادئ وقواعد (حقوق وواجبات) فعلى كل واحد منا أن يؤدي الذي عليه، وأن يطلب الذي له، وبذلك تنتهي المسألة.
قضية أننا نتوقع أو نظن بأنه إذا لم يوجد هناك حب في الحياة الزوجية فإن الحياة ستكون غير سعيدة: هذا غير صحيح، المهم أن يوجد هناك نوع من التفاهم، وأنت قادرة على ذلك، ما دمت لديك مهارات ولديك قدرات وإمكانات أن تتواصلي مع الرجل وأن تحتويه، فثقي وتأكدي أنك ستملكين عليه قلبه، وإذا كنت في أول الأمر لا تحبينه فمعظم الناس في العالم لم يتعرضوا للحظات حبٍ بينهم وبين من تزوجوا معهم قبل الزواج.
بل إني أحب أن أضيف إليك معلومة أنه في دراسة أمريكية تثبت أن نسبة الطلاق في علاقات الحب قبل الزواج تصل إلى التسعين بالمائة، يعني المعرفة قبل الزواج كما يقول الناس الآن لا بد أن نتعارف على بعض، وأن ندرس شخصيات بعضنا البعض، هذا الكلام ثبت أنه غير صحيح، وأن نسبة الطلاق عالية جدًّا بين هذه الفئة التي تقيم علاقات قبل الزواج سواء كانت طويلة أو قصيرة.
فأنا أرى أن تتوكلي على الله، وأن تحسني الظن بالله تعالى، وكل الذي عليك أن تتوجهي إلى الله، تصلي صلاة استخارة أولاً، وثانيًا: تتوجهي إلى الله بالدعاء أن يصلح الله أخلاق هذا الرجل، وأن يجعله معينًا لك على طاعته، وتُكثري من الدعاء أن يعينه الله على أن يعاملك بالمعروف، وأن يعاملك بإحسان، وأيضًا تُكثري من الدعاء أن الله يرزقك محبته، وقومي بالذي عليك واجباتك كزوجة، وثقي وتأكدي أن المرأة هي التي تستطيع أن تملك قلب الرجل حتى وإن كان الرجل سيء الخلق، فإنك لو عاملته معاملة طيبة وعاملته بالمعروف والإحسان وكنت نعمة الزوجة – صدقيني – سيكون لك نعم الخادم، لأن الذي يُفشل الحياة الزوجية إنما هذه الانطباعات التي عند أحد الزوجين والتي تجعله يتصرف تصرفات تدل على كراهية الآخر، وبالتالي سوف يحاول التخلص منه.
ولكن عليك أولاً بالرضى بما قسم الله تعالى، خاصة وأن ظروفك – كما ذكرت – هي التي اضطرتك إلى هذا، فعليك بالرضا، وتقولي (اللهم ارزقني الرضا وارزقني محبة هذا الرجل) واهتمي بنفسك اهتماما زائدا، بمعنى أن تكوني وردة، حتى وإن كنت لا تحبين الرجل أعطه حقه الشرعي، من حيث الاهتمام بنفسك ونظافتك الشخصية، وملابسك في الفراش، وأن يكون سريرك وغرفة نومك كأنها قطعة من الجنة، رائحتها طيبة، منظرها طيب، هيأتها طيبة، أن يكون بيت الرجل مرتبا، أن تهتمي بوقت طعامه، وقت منامه، وقت شرابه، هذه أمور تجعل الرجل يُصبح خادمًا للمرأة - أختي الكريمة – الرجل إنسان، وإذا عاملت الإنسان بإنسانية ملكت قلبه.
أما الإشكال الأكبر - كما ذكرت – أنك إن دخلت بهذا الانطباع السيئ ستظلين معبّسة مقطبة الجبين، بهذه الطريقة كلما رآك ماذا تريدين أن يفعل معك، يعني امرأة لا تريد أن تراني هل تظني أنني سأفرح برؤيتها؟ قطعًا لا، ولكن - أختي الكريمة – هذا حقه الشرعي، النبي - عليه الصلاة والسلام – أخبرنا أنه (ما رُزق المؤمن بعد التقوى خير من زوجة صالحة) ما هي صفات الزوجة الصالحة - أختي الكريمة نور الإيمان – أول شيء، قال: (إذا نظر إليها زوجها سرته) ومعنى (سرته) أنه لا يلزم أن تكون جميلة، قد تكون إنسانة عادية ومتواضعة الجمال ولكنها تُحسن استقباله.
زوجك داخل الآن من الباب وأنت تعلمين موعد دخوله، تلبسين ملابس راقية، ملابس المطبخ تتخلصين منها وتضعينها على جنب قبل أن يأتي وتلبسين ملابس راقية، ملابس شِياكة، ملابس جميلة، ورائحتك طيبة، وشعرك مرتب، وبيتك مرتب، تفتحين الباب له: (الحمد لله على السلامة، نوّرتنا، أنا كنتُ مشتاقة لقدومك) هذا الكلام لو كان عدوّك لصار حبيبًا وخاتمًا في يدك، وبعد ذلك تقدمي له الطعام، وأخبارك، وأحوالك، وتعرفي ما هي الروائح التي يريد أن تأتي بها؟ ما هي الألوان التي يحبها فتلبسينها؟ ما هي الأطعمة التي يحبها تحاولي أن تطبخينها له، ما هو الشيء الذي يحبه من الناس يحب منك أن تتكلمي عنه، وتعرفي صفات زوجك، وبهذا تنجح الحياة الزوجية.
تسعين بالمائة من فشل الحياة الزوجية يقع على المرأة – واسمحي لي أن أقول لك ذلك – أنا لا أريدك أن تقولي سأشعر بعقدة نقص أو سأشعر بهم أو غم، هذا تشاؤم وفكر خاطئ، قولي (أنا سأكون إنسانة ناجحة) لماذا تقولي بأنك ستقولين بأنك ستكونين إنسانة فاشلة، قولي (سأكون ناجحة وأكون زوجة مثالية متميزة) وبذلك - إن شاء الله تعالى – سيعينك الله تعالى، لأن الذي يحاول أن يبحث عن الشر سيجده، والذي يحاول أن يبحث عن الخير سيجده، وكما قيل (تفاءلوا بالخير تجدوه) والذي يبحث عن السعادة سيجدها، والذي سيبحث عن الشقاء سيجده أيضًا.
فأنا أرجو منك أن تجتهدي في البحث عن السعادة، وأن تعلمي أن هذه حياتك، ولا بد أن تجتهدي في إعانة نفسك وزوجك على طاعة الله، حتى وإن كان إيمانه ضعيف ساعديه بهدوء وبلطف، وكوني عونًا له على طاعة الله، وأبشري بفرج من الله قريب، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.