أشعر أن الله غاضب علي وأنه لم يعد يساندني.

2015-04-21 02:26:54 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

أنا أحس أن الله غاضب علي دائما، حيث تأتيني وساوس وخاصة في السجود تقول لي: أنني أعبد الفراغ، وبسبب هذه الوساوس لم أعد أحس بأن ربي يساندني، فأنا حزينة جدا، أشعر بأنه قد ضاع كل شيء، فالله ليس في صفي.

لا شك أنكم تحبون الله وتعرفون عظمته وتخلصون له في العبادة، أرجوكم أنتم أملي، أرجوكم حدثوني عن الله، عن عظمته، أريد أن أعرفه حق معرفة حتى أخشاه وأحبه، ولا أتكاسل أو أمل من عبادته.

أريدكم أن تساعدوني.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Wissal حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يُبارك فيك، وأن يُكثر من أمثالك، وأن يُثبتك على الحق، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين.

وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة-:

فأنا حقيقةً مُعجبٌ بك إعجابًا شديدًا بما أكرمك الله تبارك وتعالى من عقلٍ راجح، والحرص على معرفة الحق وتحري الصواب، والاجتهاد في تعديل واقعك إلى الحال الذي يُرضي الله -سبحانه وتعالى-، وأقول لك: بارك الله فيك مرة أخرى -يا بُنيتي- وأكثر الله من أمثالك في المسلمين.

وأما فيما يتعلق بإحساسك أن الله غاضبٌ عليك، وأنه تأتيك وساوس، فأحب أن أبيِّن لك -يا بُنيتي-:

أن هذا كله من الشيطان الرجيم، فإن الشيطان -لعنه الله- يعرف أنك إنسانة متميزة وأنك حريصة على الطاعة، ولذلك حاول أن يُفسد علاقتك بربك ومولاك جل جلاله، وحاول أن يُركز على قضية الوساوس، لأن الشطان -لعنه الله- يستعمل مع الإنسان المسلم عدة وسائل للضغط عليه، أو لصرفه عن الطاعة والعبادة، فتارة يُزيِّن له المعاصي الظاهرة، وتارة يُزيِّن له الوسوسة ويشغل قلبه بأفكارٍ سلبية حتى يجعله يضيق ذرعًا ويتحرج ويتمنى الموت أحيانًا -والعياذ بالله- من شدة هذه الأفكار التي لا يُحبها ولا يُريدها، وهذا كله إن دلَّ على شيءٍ فإنما يدل على أنك بخير، وأن الله تبارك وتعالى أراد بك خيرًا.

ولذلك أول شيءٍ أحبُّ أن أبيِّنه لك -يا بُنيتي- ألا تلتفتي لهذه الوساوس أبدًا.

وكونك تقولين بأنك لم تعودي تحسين بأن ربك يُساندك، فهذا ليس صحيحًا، لأنه لو لم يُساندك لما كتبتِ هذه الرسالة، ولو لم يُساندك ويُساعدك ويُحبك ما شرح صدرك لكي تتكلمي هذا الكلام، فهذا كله من الشيطان -لعنه الله- الذي يُزيِّن لك هذه الأفكار السلبية، حتى يُشعرك بنوع من اليأس والقنوط والإحباط، فيصرفك عن طاعة الله تعالى؛ لأن ربك يُحبّك، فربك هو الرحمن الرحيم، الرحمن الذي يرحم الخلق جميعًا، حتى إنه يرحم الكافر ويرحم الحيوان، ويرحم جميع الكائنات وجميع المخلوقات.

الكفَّار -يا بُنيتي- يرتكبون مصائب عُظمى وجرائم كُبرى، ويكفرون بالله الواحد، ورغم ذلك الله -تبارك وتعالى- لا يُعاقبهم كما ترين أنت، لأنه رحمن، ويعطيهم فرصة لعلهم يتوبون، لعلهم يرجعون.

انظري -يا بُنيتي- إلى فضل الله تبارك وتعالى عليك وأنت في عالم الأرحام، مَن الذي كان يُغذيك وأنت في رحم أمك؟ مَن الذي يحمل الأكسجين إليك وأنت ما زلت في عالم الأرحام؟ ومن الذي غذَّاك فترة بعد فترة حتى وصلت إلى هذه السن، ثم أخرجك من عالم الأرحام لعالم الحياة؟ ومَن الذي زرع لك في صدر أمك عِرْقانِ يُخرجان لك لبنًا حارًا في الشتاء باردًا في الصيف، أليس هو الله -سبحانه وتعالى جل جلاله-؟

يا بُنيتي وِصَال: مَن الذي أعطاك هذه العين التي تنظرين بها إلى الخير والشر، وتعرفين بها الطريق، وتقرئين بها الكتب، وتشاهدين بها آيات الله في الكون؟

بُنيتي وِصال: مَن الذي أعطاك هذا السمع الذي تستمعين به الأصوات، وتميزين بين أصوات الناس؟ فهذا صوت أمك وهذا صوت أبوك وهذا صوت أخيك وهذا صوت عمتك، وهذا صوت الطير، وهذا صوت الأسماك، وهذا صوت الدواب؟ ليستْ هذه كلها نِعَم.

بُنيتي: مَن الذي أخرج لك هذه الأنواع العظيمة من الأرض؟ فهذه المأكولات والمطعومات والمشروبات ألوانها مختلفة، ومذاقتها مختلفة، وأنواعها مختلفة، وطعمها مختلفة، وكلها تُسقى بماءٍ واحدٍ.

إذًا -يا بُنيتي- عظمة الله تبارك وتعالى لا حصر لها ولا نهاية، ولكن الشيطان يُريد أن يُغلق صدرك، وأن يُكدِّر خاطرك، ولذلك رجاءً لا تنتبهي له، ولا تُعطي له بالاً، وكلما جاءتك هذه الأفكار استعيذي بالله تعالى منه، وحافظي على أذكار الصباح والمساء خاصة، وكذلك أذكار النوم، وكذلك أذكار الخروج من المنزل، وكذلك المحافظة على الوضوء قدر الاستطاعة، ودعاء الله تعالى أن يثبتك، كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو دائمًا: (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)، واطلبي من والديك الدعاء لك، وكملي دراستك، وحاول أن تشغلي فراغك بأي شيءٍ هادف ونافع ومفيد، وأسأل الله لك التوفيق والسداد والهداية والرشاد.

www.islamweb.net