ضميري يؤنبني بسبب تأخير صلاتي وسماع الأغاني.. أرشدوني.

2017-07-24 04:10:20 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاه عمري 19 سنة، ذكية وموفقة في أمور حياتي، -ولله الحمد-، لا أزكي نفسي، ولكن بحسب كلام أمي وأبي، أنا بارة بهم أكثر من إخوتي الباقين.

لا أهجر القرآن، ولي ورد يومي -ولله الحمد-، لكن لدي مشكلة عجزت أن أحلها إلا وهي تأخير الصلاة، غالبا ما أؤخر صلاتي على أشياء تافهة، أعلم أنه لا يجوز، وأعلم أن الذي يؤخر صلاته بدون عذر أن مصيره في وادي ويل، أجارنا الله منه جميعا.

ماذا أفعل كلما أردت أن أصلي الصلاة في وقتها ارتكبت ذنبا آخر، بمعني إذا لم أصلها في وقتها لا أفعل الكثير من المعاصي، وإذا صليتها بوقتها أذنب، كسماع الأغاني أو مشاهدة المسلسلات الأجنبية، أو غيرها من المعاصي.

ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيرا، عجزت فعلا عن إصلاح ذاتي، وضميري يؤنبني دائما.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

- بارك الله فيك – أختي الفاضلة – وشكر لك برك بوالديك وعنايتك بقراءة القرآن الكريم, وزادك علماً نافعاً وعملاً صالحاً، ورزقكِ المزيد من التوفيق والذكاء والنجاح، والحرص على الطاعة والبعد عن المعصية.

- لا شك أنه ليس مثلك من يحتاج إلى بيان أهمية أداء الصلاة في أوقاتها, إلا أن من واجب النصح لكِ والتذكير: بيان أن نصوص الكتاب والسنة قد دلّت على أن الصلاة هي الركن الثاني من أركان الدين الإسلامي, وهي عماد الدين من أقامها فقد أقام الدين، ومن هدمها قد هدم الدين, وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة.

ومن شروطها التي لا تصح إلا بها أداؤها في أوقات محددة لقوله تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا) أي مفروضة ومؤقتة بوقتٍ محدود.

- ولا شك أن أحسن ما يعين على طاعة الله تعالى: تنمية الإيمان وتقوية العزائم بالعلم والتذكير, كما قال تعالى: (وذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين), وقال سبحانه: (سيذكّر من يخشى ويتجنبها الأشقى الذي يصلى النار الكبرى ثم لا يموت فيها ولا يحيى)، وحسبنا في التذكير بخطورة تأخير الصلوات عن وقتها لغير ضرورة قوله تعالى: (فويلٌ للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون)، فالويل هو الهلاك والعذاب, وساهون أي يؤخرونها عن أوقاتها لغير عذر شرعي, وهو من أعظم الكبائر, وأفتى بعضهم بالكفر, وعدم شرعية قضائها لبيان خطورة الأمر.

- وأوصيك – أختي الفاضلة – بطلب العلم وكثرة القراءة في الكتب الإيمانية والوعظية، ومتابعة الدروس والمحاضرات والبرامج النافعة والمفيدة, فالعلم النافع يزيد في الإيمان ويعمّق الخوف والخشية والمحبة لله تعالى, ويحظى صاحبه بالتوفيق الإلهي، ويعين على العمل الصالح والثبات على الدين ومواجهة الشبهات الفكرية والانحرافات الأخلاقية.

- لزوم الصحبة الطيبة التي تعلمك إذا جهلتِ وتنبهك إذا غفلتِ وتذكرك إذا نسيتِ, فالصاحب ساحب، وهم خير عدّة لأوقات الرخاء والشدة, وفي الحديث: (المرء على دين خليله, فلينظر أحدكم من يخالل).

- تنظيم وترتيب أوقات النوم والدراسة وغيرها؛ لمنع التعارض بينها وبين أوقات الصلوات.

- الحزم مع النفس وتعزيز الثقة بالله تعالى، ثم بالذات والحزم والتصميم وقوة الإرادة, وفي الحديث: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف... احرص على ما ينفعك, واستعن بالله ولا تعجز) رواه مسلم.

- لا مانع - بل لا بد - من إعطاء النفس حقها من الترويح في حدود المباحات كالرياضة والنزهة والمزاح ومتابعة البرامج المسلية شريطة أن تخلو من المحرمات, قال ابن مسعود: (أجمّوا – أي أريحوا – هذه القلوب, فإنها تمل كما تمل الأبدان)، وفي المباح المشروع – وهو كثير – ما يغني عن الممنوع. ومن لم يتقن فن الراحة لم يتقن فن العمل.

- الاستعانة بأهل الحزم والأمانة من الأهل كالوالدين أو الإخوة مثلاً, أو منبّه الساعة والهاتف مثلاً.

- استحضار أن الله تعالى خلق الحياة الدنيا للامتحان والابتلاء: (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم), فمن الواجب الصبر على البلاء بأداء الواجبات واجتناب المحرمات (ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غنيٌ كريم).

- استحضار عظمة الله تعالى وفضله وأداء شكر نِعَمِه الكثيرة والكبيرة بأداء أعظم أركان الإسلام العملية (الصلاة) في وقتها, (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلومٌ كفّار), ويكون الشكر بالعمل كما قال تعالى: (اعملوا آل داود شكراً وقليل من عبادي الشكور) كما يكون الشكر بالقول والاعتقاد بالقلب.

- استحضار عظمة ذنب تأخير الصلاة, وغضب الرب سبحانه وعقوبته في الدنيا والآخرة , ومنه ذهاب بركة العلم والفهم والسعادة والرزق في الدنيا قبل عذاب الآخرة: (ولعذاب الآخرة أخزى لو كانوا يعلمون) نسأل الله التوفيق والعافية.

- استحضار أن طاعة الله بأداء الصلاة في أوقاتها أهم وأوجب من كل مصالح الدنيا: (بل تؤثرون الحياة الدنيا * والآخرة خيرٌ وأبقى)، (وللآخرة خيرٌ لك من الأولى)، وفي الحديث: (من خاف أدلج, ومن أدلج بلغ المنزل, ألا إن سلعة الله غالية, ألا إن سلعة الله الجنّة) رواه الترمذي بإسناد حسن, ومعنى أدلج: أي سار بالدجى بغاية النشاط والقوة حتى يقطع السير بسرعة وحتى يسلم من خطر قطّاع الطريق, وذلك بالجد في طاعة الله والحذر من معاصيه, فمن خاف النار وغضب الجبّار جد في الطلب استقامة وثباتا واستمرارا، ولم يرجع القهقرى، ولم يكسل حتى يلقى الله, فالجنّة هي الثمن العظيم لمن جد واجتهد وصبر وصابر، وباع نفسه لله وسلمها له في طاعته، واستعملها في مرضاته، وكفّها عن محارمه يرجو أن يحصل له الثمن العظيم من الرب الكريم، وهو الجنّة نسأل الله مغفرته وثوابه والجنة: (وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون)، (تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا)، فالجنة التي يشاق إليها الصالحون، ويسعى لها السالكون، ويعمل لها العاملون، وتزود لها المخلصون، رجاء المؤمنين، وأمل الطائعين، وأمان الخائفين، وواحة المخبتين، ذات النعيم الخالد والسعادة الدائمة والقطوف الدانية, سلعة الله الغالية.

يا سلعة الرحمن لستِ رخيصة ** بل أنتِ غالية على الكسلان
يا سلعة الرحمن ليس ينالك ** في الألف إلا واحدٌ لا اثنانِ.
يا سلعة الرحمن أين المشتري ** فلقد عرضت بأيسر الأثمانِ
يا سلعة الرحمن هل من خاطبٍ ** فالمهر قبل الموت ذو إمكانِ
لكنها حجبت بكل كريهة ** ليصد عنها المبطل المتواني
وتنالها الهمم التي تسمو إلى ** رب العلا بمشيئة الرحمنِ
فاتعب ليوم معادك الأدنى تجد ** راحاته يوم المعاد الثاني.

-اللجوء إلى الله تعالى بخالص الدعاء متحيّنة أوقات الإجابة، أن يقوّي عزيمتك على هذه الفريضة بأداء أركانها وواجباتها وسننها وهيئاتها وشروطها ومنها أوقاتها على أكمل وجه يرضى به عنّا, وأن يرزقنا الإخلاص والقبول والعفو والمغفرة والرحمة ورضوانه والجنّة.

- أسأل الله لكِ التوفيق والقبول والسداد والعون، وأن يلهمك التوبة والخير والعزم والهدى والرشاد, وأن يزيدكِ من فضله وبر والديك والنجاح والسعادة في الدارين والثبات على الدين والهداية إلى صراطه المستقيم، آميـن.

www.islamweb.net