أخاف من عقوق أمي بسبب سرعة الغضب، فهل من حل له؟

2024-03-04 01:44:13 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

أعاني من سرعة الغضب والانفعال، خصوصًا عند التعامل مع أمي، بسبب المشاكل العائلية التي تحدث في منزلنا، حتى تطور الأمر، فصرت لا أطيق الحديث معها؛ لأنه كلما تحدثنا تحول الحديث إلى مشكلة.

حاولت تفادي الجلوس معها حتى لا تحدث مشكلة وأدخل في العقوق، لكن لم يفلح الأمر؛ لأني غير متزوجة، فأضطر لمقابلتها بكثرة، ويومًا بعد يوم تزداد المشاكل، وأنا لم أعد الاحتمال أكثر، فأريد حلاً حتى لا أنفعل كثيرًا أمامها.

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ روابي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

الانفعالات الإنسانية موجودة وتتفاوت بين الناس؛ فهنالك غضب، وهنالك فرح، وهنالك انفعال، وهنالك توتر، وهنالك انبساطية، كل هذا موجود، وهي سمات موجودة عند الإنسان، لكن المهم هو كيف يُديرها الإنسان.

الذي لا يغضب لا يستطيع حقيقة أن يحمي نفسه، الذي لا يخاف أيضًا لا يحمي نفسه، والذي لا يقلق لا يُنتج ولا ينجح، والذي لا ينضبط ولا يدقق في الأمور المهمة.. وهكذا.

لكن هذه الانفعالات يجب أن نتعامل معها بصورة ذكيّة، ولذا أتى علم الذكاء العاطفي -أو ما يُسمَّى بالذكاء الوجداني- أرجو أن تطّلعي على هذا العلم، يوجد كتاب رائع لمؤسس هذا العلم، الكتاب اسمه (الذكاء العاطفي) -للدكتور/ دانيل جولمان-، طبعًا الكتاب الأصلي باللغة الإنجليزية، كتبه سنة 1995، لكن تُوجد ترجمات عربية للكتاب، وهو موجود في مكتبة جرير، أو في أي مكان آخر. وتوجد برامج كثيرة جدًّا على الإنترنت فيما يتعلق بالذكاء الوجداني.

هذه هي النقطة التي تحتاجينها، كيف تطورين من ذكائك العاطفي الوجداني لتتعلمي كيف تتعاملين مع نفسك ووالدتك وغيرها بصورة إيجابية وبصورة صحيحة.

الأمر الآخر: يجب أن تُذكّري نفسك بما ذكّرنا به -ربنا عز وجل-: {فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}، هذا أمرٌ إلهي، هذه وصيَّة من الله للأبناء، هذا نظام تربوي يجب ألَّا نحيد عنه، تحمّلي أذاها إن كنت ترين أنها تُؤذيك، وأنا لا أرى أنها تُؤذيك، لأن حب الوالدين -خاصة الأم- للأبناء والبنات هو حبٌّ غريزي وجِبلّي، لا يمكن لأمٍّ أن تكره ابنتها، لا يمكن، لكن قد يكون هناك اختلاف في وسائل التعبير عن الحب نفسه.

فأرجو أن تفهمي جيدًا، وأرجو أن تفتحي لنفسك بابًا من أبواب الجنة، وهو بر والدتك، وأرجو أن تفتحي قنوات اتصال جميلة مع والدتك، اطرحي لها المواضيع الجيدة والهامَّة حين يكون مزاجها طيباً وأنت مزاجك طيب، اسعي لخدمتها، اسعي لأن تساعديها في أعمال المنزل، أن تكوني نشطة في ذاتك، أن تؤدي صلواتك في وقتها، أن تطّلعي، أن تقرئي، أن تكوني إنسانة مفيدة، هذا قطعًا سوف يكسبك وُدَّ والدتك، ولا شك في ذلك.

إذًا الموضوع كله يتطلب منك تفهّم أهمية هذه العلاقة وعظمة هذه العلاقة، وأن الانفعال في وجه والدتك من العقوق، وأمرٌ مرفوض تمامًا، العبس في الوجه عقوق، وكلمة (أف) عقوق، والتذمُّر وإبداء الغضب عقوق، والنظرة الحادة إليهما عقوق، ورضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين.

والتعبير عن النفس مهم، لا تكتمي، حتى الأشياء الخلافية فيما بينك وبين والدتك عبّري عنها بكل ذوق، ولا تتركيها تتراكم، ودائمًا قدّمي كلامك بقولك (يا أمي، حفظك الله)، (يا أمي، رعاك الله)، ابدئي بذلك دائمًا حين تُخاطبينها، هذا من التوقير والاحترام والتقدير لها، وهو من البر لها، لا تُخاطبيها بـ (أنتِ) و(أنا)، هذه لغة مرفوضة تمامًا.

هذه إرشادات بسيطة لكنها ذات قيمة عظيمة جدًّا.

وأنت إذا نظمت حياتك، وأحسنت إدارة وقتك، وعملت أشياء مفيدة في الحياة، خاصة أنك مُعلِّمة، وهذه مهنة عظيمة جدًّا، وطورت نفسك مهنيًا؛ فسوف تشعرين بالهدوء والإنجاز والفعالية.
أيضاً: استمتعي بوقتك، اطلعي، اقرئي، حافظي على صلواتك في وقتها، مارسي أي تمارين رياضية تناسب المرأة المسلمة، اجعلي لنفسك مشروع حياة، مثلاً: حفظ عدد من الأجزاء من القرآن، أو يا ليته كله، واسألي الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net