أحببت فتاة وعجزت عن زواجها وقد خُطبت الآن، فكيف أنساها؟

2023-10-01 23:15:53 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شابٌ أكملت دراسة الثانوية وسأبدأ في الجامعة -إن شاء الله تعالى- أنا عشقت ابنة خالتي، وهي أكبر مني بعشر سنين، وقد كنت أدعو الله أن يجعلها من نصيبي ولا يجعلها لغيري، مع العلم أنني لم أصارحها بحبي يوماً، وكلما وسوس إلي الشيطان أن أتحدث معها أو أراسلها فتارةً أخاف من الله -سبحانه وتعالى-، وتارةً أخاف من عواقب الأهل، والحمد لله تعالى الذي عصمني من هذه الفتنة.

الآن هي مخطوبة، وعندما سمعت بخبر خطبتها حزنت قليلاً، ولكنني الآن كلما سمعت بتخطيطها هي وأهلها لمراسم الزفاف، أزداد اكتئاباً وحزناً وضيقاً وغماً!

مع العلم أنني حاولت إصلاح وتغيير الكثير من شخصيتي؛ حتى أكون مستحقاً لها ومستحقاً لما أطلبه من الله، وقد لجأت إلى الله سبحانه ودعوته أن يخلصني من هذا الحب، لكني لم أستطع!

مع العلم أنه ليس لديّ سيارة، وليس لديّ أي عمل، فما الحل؟

أفيدوني بارك الله فيكم.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ العبد الفقير إلى عفو ربه حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به، وأن يرزقك الزوجة الصالحة البرّة التقية إنه جوادٌ كريمٌ.

كنا نود ابتداءً أن تحدثنا عن عمرك؛ فالعمر له دورٌ هامٌ في توجيه الاستشارة لك، لكن المرجح أنك دون العشرين، والفتاة في الثلاثين أو أكثر، وهذا وحده كافٍ لو تفكرت أو كانت عندك الخبرة الكافية بأن تصرف النظر عن زواجها.

أخي الكريم: أنت اليوم طالب جامعي أو تكاد، وحتى تبدأ في التجهيز لعرسك أمامك خمس سنوات، ثم حتى تتهيأ للزواج أمامك خمس أخرى، وهذا هو الطبيعي، فهل من المعقول -يا أخي- أن تفكر في ما لا تقدر عليه وأنت في هذه الحالة! وهل من المقبول لفتاة أن تمكث إلى الأربعين من عمرها لتنتظر زوجاً قادماً؟!

أخي الكريم: إن العقل قاض بعدم أهليتها لك، وأنت مدرك ذلك بحس عقلك، وقد ذكرت ذلك في رسالتك ضمناً؛ فالدعاء بأن ينسيك الله إياها وأن يخلصك من حبها هو دليلٌ قاطعٌ على ذلك، وإن كان فيه دلائل أخرى لكونها مخطوبة.

وعليه أخي فالسؤال الصحيح: لماذا غلب على عقلك التفكير فيها واستحوذ على قلبك؟ وكيف النجاة من هذا الطريق؟

أما السؤال الأول: فلا بد أن الفتاة فيها شيء صالح، وفيها ما جذب انتباهك من أخلاق أو غير ذلك، ولكن حدث لك أمران:

- افترضت أن الموجود فيها أنت أحق به، وأنك لن تجد في الدنيا مثله.

- تجاهلت الفروق العمرية والاجتماعية والتعليمية وعشت في أحلام، نمّاها الشيطان فيك، وهذا أخطر الأمرين فانتبه لما نقول يا أخي.

إن الشيطان يعمد أن يريك غير المقدور عليه على غير ما هو عليه، ثم يضخم لك هذا الوهم المفترض، ليريك إياه في كل لحظة وفي كل مكان، وقد يأتيك في المنام، نعم يأتيك ربما في الحلم ليريك إياها زوجةً لك، وكل هذا ليعظم أمرها في قلبك، ولكي يجعلك مكتئبًا حزينًا مشتتًا، وهذا ما حدث معك أخي الكريم.

وأما الجواب على السؤال الثاني: فاعلم -بارك الله فيك- أن الخروج الآمن من هذا المنحدر يكون في ما يلي:
1- الإيمان بأن ما كان لك لن يكون لغيرك، وما كان لغيرك لن يكون لك، وأن من كتبها الله لك زوجةً ستكون؛ لأنها معلومة قبل أن يخلق الله السموات والأرض بخمسين ألف سنة، والله لا يقدر لعبده إلا الخير، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء".

2- قضاء الله هو الخير لك، ونحن لا نعلم الخير من الشر، لكن نؤمن بأن قضاء الله لنا هو الأصلح والأخير والأفضل، وقد تعلمنا من القرآن أن العبد قد يتمنى الشيء وهو لا يدري أن فيه هلكته، وقد يعترض على الشيء ولا يعلم أن فيه نجاته، قال تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) فكن علي يقين بأن اختيار الله لك هو الأفضل دائماً، وهنا سيطمئن قلبك ويستريح، وما يدريك أن الله قد ادخر لك في سابق علمه من هي أفضل لك، فثق في الله -يا أخي- ولا تحزن.

3- اجعل أهدافك الآن منصبة كلها حول دراستك الدنيوية وصلاحك الديني، واجعل هدف حياتك: (وشابٌ نشأ في عبادة الله) أنت الآن شاب -والحمد لله- من خلال حديثك يبدو عليك الصلاح، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ومنهم شاب نشأ في عبادة الله، فالله الله في هذا الهدف، اجعله نصب عينيك، واعلم أنك متى ما جعلته هدفاً في حياتك وعشت له بصدق، فإن الوازع الآخر الذي أتعبك اليوم سيقل تدريجياً حتى يتلاشى بأمر الله عز وجل.

4- استعن على ما أنت عليه بالجهد والصبر، ويعينك على ذلك جملة من الدعائم التي نوصيك بها، منها:
أولاً: لا تيأس ولا تظن بنفسك سوءًا ولا تسمح للعجز أن يصل إلى صدرك، فأنت قوي بربك معان بعونه، فالتمس من الله طرق النجاة، ولا تتوقف في سيرك إليه، واعلم أن أول الطرق التي يسلكها الشيطان معك: إيهامك بعدم مقدرة الحياة بدون تلك الفتاة، وعجزك على التغيير فانتبه لذلك، واعلم أنك بالله أقوى منه.

ثانياً: ابتعد عن أنواع المثيرات مرئية كانت أو مسموعة، وغض بصرك عنها، استشعر أنك تعبد الله بذلك، وأنك مأجور عليه، وأنك بذلك تصون قلبك عن التعلق بالحرام؛ إذ العين بريد القلب، وفائدة ذلك أنك تنتظر الأجر من ربك في الدنيا والآخرة، فمن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.

ثالثاً: إياك وسرطان المعصية: نعم -أخي الحبيب- إن سرطان المعصية هو الفراغ، فاجتهد أن تشغل فراغك بشيء ينفعك في دينك أو دنياك، وتجنب الخلوة بنفسك بأوقات طويلة، فإن الخلوة بالنفس تدعو وتثير فيك ما نود وأده.

رابعاً: لا تتبع أخبار الفتاة ولا موعد زواجها، ولا تنشغل بها، وكن على يقين بأن الله قد اختار لك الخير.

خامساً: عليك بأنواع الرياضة المختلفة والمحببة إليك، بل نوصيك أن تجهد بدنك كثيراً، حتى تأتي إلى فراشك وأنت مقبلٌ على النوم خال من التفكير من تلك الوساوس.

سادساً: كما نوصيك -أيها الحبيب- بكثرة صيام النوافل، وتلك وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- للشباب الذين لا يقدرون على الزواج، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).

مع كثرة الدعاء إلى الله أن يصرف عنك هذا البلاء وأن يخلص قلبك لمحبته وعبادته.

وفي الختام نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير، وأن يتولى عونك، ويصلح لك أمرك كله، وأن يحصنك.

والله الموفق.

www.islamweb.net