التعلق الزائد بالصديق .. الدوافع والحدود
2007-03-05 10:37:42 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي مجموعة من الأصدقاء المخلصين والمحبين، ولكن أحدهم يكن لي من المحبة كثيراً، وقد أفصح لي أكثر من مرة بأنه يحبني في الله ويتمنى لي الخير وأنني أقرب الأصدقاء إليه، وتطورت علاقاتنا فشملت العائلات، وأصبح التواصل بين زوجتي وزوجته، وأخبرني في أحد الأيام بأنه سيسافر إلى خارج البلد وسيمكث سنوات، وأخبرني بأنه لن ينساني، وسيدعوني للحاق به بعد أن تتيسر له الأمور.
وهو إلى الآن لم يسافر بعد، ولكنني تأسفت كثيراً لفراقه لأنه نعم الأخ قبل أن يكون صديقاً لي.
وخلال الأشهر الماضية سافرت إلى إحدى الدول العربية، وقبل أن أعود أحسست بأني متعلق به جداً، وشعرت بأني سأفقد شيئاً غالياً جداً، وعندما عدت وجدت نفسي متعلقاً به جداً حتى وصل الحال إلى أني أتألم إن غاب عني لحظات، وأعرف بأن هذه الأشياء لا ينبغي أن تزيد عن حدها، ولكن للأسف هذا هو الحال.
ساعدوني فأنا لا أريد أن أتخلص منه ولكني أريد طريقة للتخلص من تعلقي المفرط به؟ علماً بأنني أعتبره من أملاكي الخاصة.
جزاكم الله خيراً، ولا تنسوني بدعائكم الصالح.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Abo mohammed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن الأخوّة أساس وأرضية يقوم عليها الدين إذا كانت في الله رب العالمين، وأصبحت عوناً على طاعة الرحمن الرحيم، وقام كل منكما بالنصح والإخلاص في الصداقة، ولم يكن هناك سبب للتعلق بغير الدين، ومرحباً بك وبه في موقعكم وفي صحبة إخوانكم في الدين.
والصداقة الناجحة النافعة هي ما كانت في الله ولله وعلى مراد الله، وهي التي تمتد بأهلها لتشمل مع الدنيا الآخرة، قال تعالى: ((الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ))[الزخرف:67].
ولا شك أن فراق الصديق الحق من الصعوبة بمكان، ولكن هكذا تمضي هذه الحياة التي أرادها الله دار ممر وليست دار مقر، والناس يجتمعون فيها ويتفرقون، وتبقى بعد ذلك الذكرى الطيبة والمواقف الجميلة.
وأنت يا أخي أعلم بدوافع وحدود تلك العلاقة، وأدرى بأسباب التعلق بصديقك، واعلم أن الممنوع هو التعلق لأجل الشكل أو المظهر أو طريقة اللبس أو الكلام، وإذا كان ذلك حاصل فاجعل علاقتك لله، وعندها سوف تشعر أن هذا الود يستحقه كل موحد وصالح، فكيف لا ترضى أن يقترب منه غيرك، ولماذا لا تتيح هذا الحب لبقية أصدقائك.
ولا شك أن هذا الصديق قد عمق العلاقة التي بينكما، وقد أحسن بذلك، ونحن نتمنى أن تكون دائرة الأخوة واسعة طالما كان الأساس هو التقوى والصلاح، والنصح والسعي لنيل الفلاح.
ولعل من مصلحة ذلك الأخ ومن مصلحتك أن يسافر لبعض الوقت حتى تأخذ الأمور حجمها المناسب، ويتعرف كل منكما للجد والخير والدعاء لأخيه بظهر الغيب.
ولا يخفى عليك أن هذا التصور مبني على كون العلاقة فيها شوائب، أما إذا كانت علاقتكما صافية ولله خالصة فمد لها حبال الود، وأبشرا بظل الله يوم لا ظل إلا ظله، وبمحبة لله للمتزاورين فيه والمتباذلين فيه.
كما نتمنى أن تكون العلاقة على النصح والإرشاد، فإنه كما قيل: ( أخاك أخاك من نصرك في دينك، وبصَّرَك بعيوبك، وهداك إلى مراشدك، وعدوك عدوك من غرَّك ومنَّاك).
وهذه وصية للجميع بتقوى الله وطاعته، ونسأل الله أن يجمع بينكم على الحق والخير، وأن يجعل أخوتكم في الله خالصة، ونذكرك بالوفاء لأهله، وتحريض أهلهم على زيارتهم، وهكذا تكون الأخوة الحقَّة.
وبالله التوفيق.