زوجي يسيء إلي أخلاقيا وعاطفيا وماديا!

2008-11-30 10:10:25 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

أنا متزوجة منذ 8 سنوات، عانيت كثيراً من المشاكل منذ الخطوبة؛ حيث إن زوجي كان مغترباً، جرحني في الكثير من المواقف التي أظهر فيها بخله العاطفي والمادي، في البداية كنت أصبر لكن حالياً لا أستطيع، أصبحت جداً عصبية، أصبحت أكرهه ولا أطيقه، حتى أصبحت أصارحه بهذا الشعور.

أنا وصلت لهذا الحد نتيجة معاملته الجافة، إنه يلغي وجودي رغم أن لدي شهادة عالية، ومتدينة، لكن في نظره مهمتي خدمة البيت والأولاد، لا مشاورة، لا مشاركة، لا مصارحة، لا عاطفة، عندما أناقشه يقول: ارضي أنا قدرك، لا تتمردي على النعمة، إنني أعيش هنا غربة الوطن وغربة الزوج.

فكرت مراراً في الطلاق، خصوصاً أنني وصلت لحد عدم القيام بواجبات الزوجية، حيث أحس أنني أختنق عند اقترابه مني، وبقيت بين إحساس الخوف من عقاب الله وكرهي لزوجي وخوفي من كلمة طلاق.

معاناتي طويلة ومؤلمة، لكن المجال لا يسع لسردها.

أرجوكم ساعدوني بالنصيحة والدعاء.
وجزاكم الله خيراً.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sabrina حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يفرج كربتك وأن يقضي حاجتك، وأن يجعل لك من لدنه وليّاً ونصيراً، وأن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يتفضل عليكم بجعل حياتكم حياة طيبة آمنة مستقرة، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فإن ما ذكرته فعلاً من حالتك التي وصلت إليها من كرهك لزوجك وعدم رغبتك في رؤيته، وأنك أصبحت لا تطيقينه حتى وصل بك الحد إلى أن صارحته بهذه العبارات وبهذا الشعور، ووصلت معه إلى درجة أنك أصبحت تفكرين مراراً في الطلاق خصوصاً بعد أن وصلت إلى حد العجز عن القيام بالواجبات الزوجية.

أقول لك: حقّاً إنها حياة مؤلمة وحياة كئيبة وهي أشبه ما تكون بعقوبة في سجن مظلم مع سجَّان وجلاّد قاسٍ، ولكن يا ترى ما الحل؟ .. نعم أنا معك الأمر صعب ولا يحتمل، ووصلت إلى درجة الكراهية وعدم الرغبة في الرؤية، بل وعبرت له عن ذلك صراحة.

أقول: إن الله تبارك وتعالى قد منَّ عليك بشهادة عالية وأكرمك بدين وافر ولله الحمد، ولذلك أنت تفكرين في عواقب الأمور، واتصلت بإخوانك في هذا الموقع ماذا تفعلين؟

أقول لك: كان الله في عونك، كان الله في عونك، كان الله في عونك..

أختي الكريمة: من السهل جدّاً فعلاً أن تطلبي الطلاق وأن تستريحي من هذا السجَّان وأن تخرجي من هذا السجن، ولكن يا تُرى هل هذا هو الحل الأمثل؟ هل هذا هو الحل الوحيد الذي لا حل أمامنا سواه؟ لماذا لا تعيدين مرة أخرى الكَرَّة وتحاولين أن تناقشي هذه القضايا بصوت مسموع، وتحاولين - بارك الله فيك – مع زوجك؛ لأن الحل الذي تعرضينه - وهو الطلاق - حل مر، حل أليم مؤلم، وأنا أتمنى لو قرأت الاستشارات القريبة جدّاً من هذه الاستشارة الآن في موقعنا - والله - ستجدين كم يفعل الطلاق بالأسرة وبالبنات وبالأولاد، وكيف يحولهم إلى مشردين، إلى حاقدين، إلى حاسدين، إلى مجرمين، يملأ قلبهم كراهية للأب وللأم بطريقة لا تطاق ولا تتصور.

فرجاءً - أختي الكريمة – أن تفكري في داخل منظومة الأسرة، زوجك هذا لابد أن يفهم، لابد أن تحاولي ذلك معه، حتى يملَّ منك، الآن قد مللت منه، أصبحت تكرهينه، الآن أنا أتمنى أن تعيدي الكرة، أن تقولي له (لابد أن نتناقش، أنا لا أريد أن أخسر هذه الأسرة، لو أن الأمر يخصني أنا لانتهيت من سنوات، ولكن أنا أريد ألا يضيع هؤلاء الأبناء المساكين بسبب هذا الفهم السيئ الذي بيني وبينك، بسبب الخلافات التي توجد بيني وبينك، أجلس معي نحل مشاكلنا بأنفسنا).

إن عجزتما عن ذلك لا مانع أن تستعينا بآخرين - أختي الكريمة – استعينا بأحد يساعدكما، خاصة في غربة الوطن - كما ذكرت – ولكن قطعاً لن يعدم الخير، هذا الأمر قد يُعرض على أحد المراكز الإسلامية بعض الأخوة الدعاة المشايخ المتميزين أو بعض الشخصيات الإسلامية الاجتماعية التي يعرف عنها جهدها في حل المشاكل، اجلسا معاً، استعينا بأخصائي نفسي، بعض هذه البلاد فيها أخصائيون نفسيون يذهبون لعلاج الأسرة، فلابد أن نبعد تماماً شبح الطلاق، ووالله أنا ما أقول ذلك إلا بعد أن شاب شعري من آثار الطلاق على الأسر، خاصة إذا كان هناك أولاد، نعم قد يكون حلاً الآن، وقد ييسر الله لك أسباب الرزق، ليست القضية قضية الرزق وإنما القضية قضية الأسرة التي تضيع، أولادي الذين يشردون ويدمرون، هذه الآن أنا أعالج مشكلتي على حساب آخرين، ضحايا يدفعون ثمن هذا القرار طيلة أعمارهم، لأنهم لم يجدوا راحة لا معك ولا معه، حياة صعبة وقاسية ومرة، وأنت لم تستطيعي أن تقومي بالدورين معاً – دور الأب ودور الأم – بكفاءة، مهما حاولت الأم، لو مات زوجها لعطف الناس عليها، أما أن تكون مطلقة فهذا أمر آخر.

ولذلك أنا أرجو - بارك الله فيك – أن تعودي إلى داخل منظومة الأسرة وأن تجعلي المعركة في داخل الأسرة ليس خارجها، أتمنى أن تلغي تماماً من عقلك فكرة الطلاق، لابد من حل، الله تبارك وتعالى جعل لكل شيء سبباً وقال: (( فَأَتْبَعَ سَبَبًا ))[الكهف:85]، لا توجد مشكلة بلا حل، ولكن نبعد شبح الطلاق تماماً عنا، أرجو أن تخرجي من ذهنك تماماً أمر الطلاق، فكري في غيره، وستجدين - بإذن الله تعالى – حلاً، استعيني عليه بالدعاء، توجهي إلى الله بالدعاء بصدق، في جوف الليل البهيم، توجهي إلى الله عز وجل أن يصلحه، والله قادر، الله تبارك وتعالى أكرم زكريا عليه السلام بالدعاء، فوهبه يحيى وأصلح له زوجه، وإصلاح الزوج هنا قد يكون مادياً وقد يكون معنويا، المهم - بارك الله فيك – توجهي إلى الله بالدعاء، الله أمرك بالدعاء ووعدك بالإجابة ولن يخلف الله وعده، قال سبحانه: (( أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ))[البقرة:186]، وقال أيضاً: (( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ))[غافر:60]، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (لا يرد القضاء إلا الدعاء)، ويقول: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء)، ويقول: (ما من مسلم يدعو الله تعالى بدعوة إلا أعطاه الله واحدة من ثلاث: إما أن يعطيه ما سأل، وإما أن يدفع عنه من الشر مثله، أو يجلب له من الخير مثله).

إذن أختي الكريمة! سلاح الدعاء سلاح خطير فتاك، بدلاً من هذه المعركة التي تريدين أن تخرجي منها الآن خاسرة، توجهي إلى الله بالدعاء وألحي عليه، خاصة في الليل في قيام الليل في السجود في دبر الصلوات المكتوبات، أوقات الإجابة كلها، اجعلي زوجك هذا قضيتك الأولى - بارك الله فيك – أن يصلحه الله وأن يهديه الله وأن يصرف عنه هذا البخل العاطفي والبخل المادي حتى تستريحي - أختي الكريمة -.

إن قلب زوجك بيد الله، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء)، القادر على تغيير قلب زوجك هو الله، والله وعدك أن يستجيب لك إن سألته بالتوجه إليه بالدعاء، واصبري، واصبري، وإذا ما ناقشت فناقشي بأدب وهدوء، حتى لا تدخلي الشيطان بينكما. إذا: اتفقنا أن نصرف النظرة تماماً عن فكرة الطلاق، ولكن قد تأتي منه هو نتيجة سوء المعاملة منك أو الضغط الشديد فإنه قد يقولها، وبذلك نخسر كل شيء، وهذا ما لا أريدك منك، لا أريدك أن تضطريه ليقول هذه الكلمة واصرفي النظر عنها تماماً، ودعينا نفكر خارج هذه الدائرة، قولي له: (أبناؤنا أمانة وأنت ستسأل عنها يوم القيامة، تعال ضع يدك في يدي لنبحث عن حل لهذه المشكلة، لماذا نحن كذلك؟ الفهم الخاطئ) يقول: (مهمتي خدمة البيت والأولاد ولا مشورة ولا مصارحة ولا عاطفة) يقول: (هذا قدرك) نقول له: (هذا ليس صحيحاً، أنت قادر أن تقدم أحسن من هذا، فلماذا تحرمني أن أخدمك بصورة صحيحة، لماذا تحرمني حبك وعطفك وحنانك، لماذا تضطرني أن أقول لك بأني أكرهك ولا أطيقك؟ لماذا؟ ألا تكره نفسك، أنت تكره نفسك؛ لأن كل إنسان يتمنى أن يكون محبوبا، كل إنسان يتمنى أن يسمع أن هناك من يحبه، وهناك من يفرح لوجوده وهناك من يسعد بقدومه، هذا غاية من الغايات، الناس يدفعون من أجلها الغالي والنفيس، حتى يعيش في مجتمع يحبه، يعيش في أسرة تحبه، وإذا غاب عنها تكون مشغولة عليه).

فأريد - بارك الله فيك – أن تصرفي النظر تماماً عن قضية الطلاق وألا تضطري زوجك لذلك، وابحثي في داخل الأسرة، واستعيني بالله الذي قلوب العباد بين أصبعين من أصابعه، وأكثري من الدعاء والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام والاستغفار والأذكار، وأنا واثق أنك - إن شاء الله تعالى – ستنجحين هذه المرة، وسيتم القضاء على هذه المشاكل إما نهائياً على الأقل جزئياً لتستريحي ولو قليلاً حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

هذا وبالله التوفيق.

www.islamweb.net