الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تدعو على خاطبها لامتناعه عن سداد دين أبيها بعد فسخ الخطبة

السؤال

أقرض أبي خطيبي السابق مبلغا ليتخذ بيتا لزواجنا، وتعهد وتعهدت معه عند أبي برد المبلغ بعد الزواج، وتحسن الأوضاع، و بعد أن فسخت الخطبة رددنا عليه ما أهداني من ذهب وطالبه أبي بعدها بالدين فرد أنه أهدى لأسرتي جميعا ما يفوق المبلغ، وهذا والله افتراء، وكان أهداني لبسا وأدوات زينه وأشياء بسيطة للبيت، فتعهدنا برد ما لم يستعمل، ولكنه رفض وقال أن نذهب إليه بالهدايا جميعها وإلا فالدين بما أعطاني من هدايا مستهلكة. فهل بذلك يبرأ من الدين، ونحن لم نسامح في الدين، ونبغي مخاصمته عند الله . فهل نأثم بدعائنا عليه بما استحل أخذ المال ودعائي عليه بما هم أن يقربني قبل العقد فمنعته نفسي وذكرته بالله. فهل أنا آثمة بدعائي عليه بحسبي الله ونعم الوكيل، وسؤالي الله أن ينتصر لي منه في الدنيا و الآخره؟ وهل يجب علي أنا أرد الدين لأنني ضمنته لوالدي، علما بأن أبي قال إنه سيأخذه منه عند الله يوم الحساب.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فيجوز للخاطب أو المخطوبة أو وليها العدول عن الخطبة لغرض معتبر شرعاً، أما العدول عنها لغير غرض فيكره؛ لما فيه من إخلاف الوعد، والرجوع عن القول ، وليس بحرام، لأن الخطبة مجرد وعد بالزواج .

أما حكم الهدايا التي أهديت للمرأة أثناء الخطبة ففيها تفصيل وخلاف بين العلماء:

فإذا كانت الهدايا من المهر فيجب ردها ، وإذا لم تكن الهدايا من المهر فللعلماء في ذلك خلاف. جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية بتصرف ما يلي: مذهب الحنفية: للخاطب أن يسترد ما بعث هدية وهو قائم دون الهالك والمستهلك ؛ لأنه في معنى الهبة ، والهلاك أو الاستهلاك مانع من الرجوع بها .

مذهب الشافعية: أن من خطب امرأة ثم أنفق عليها نفقة ليتزوجها فله الرجوع بما أنفقه على من دفعه له ، سواء أكان مأكلا أم مشربا أم حلوى أم حليا ، وسواء رجع هو أم مجيبه ، أم مات أحدهما ؛ لأنه إنما أنفقه لأجل تزوجها فيرجع به إن بقي وببدله إن تلف. ولو كان ذلك بقصد الهدية لا لأجل تزوجه بها لم يختلف في عدم الرجوع .

مذهب الحنابلة : هدية الزوج ليست من المهر نصا ، فما أهداه الزوج من هدية قبل عقد إن وعدوه بأن يزوجوه ولم يفوا رجع بها - قاله ابن تيمية - ؛ لأنه بذلها في نظير النكاح ولم يسلم له ، وإن امتنع هو لا رجوع له .

والذي نراه أن الأولى من هذه الأقوال هو مذهب الحنابلة، فيكون للخاطب الحق في استرداد الهدايا إذا لم يكن هو الممتنع عن إتمام النكاح ، وهذا هو قول بعض المالكية أيضا.

فإذا كان الامتناع عن إتمام النكاح من جهتكم فيلزمكم رد الهدايا للخاطب ، ولكم أن تطالبوه بسداد الدين الذي أخذه.

وإن كان الامتناع من جهة الخاطب فلا حق له في المطالبة بالهدايا ويلزمه سداد الدين، فإن امتنع عن سداد الدين وكان موسراً فهو ظالم لكم، ويجوز لكم الدعاء عليه بقدر ظلمه، ويجوز كذلك الدعاء على الظالم ولو كان مسلماً، وإن كانت مسامحته أولى، لقوله تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُور {الشورى:43}. وراجعي في ذلك الفتويين رقم: 20322، 46898.

وإذا كنت قد ضمنت هذا الخاطب في سداد الدين ، فيلزمك سداده إذا طالبك والدك بسداده وترجعين به على الخاطب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني