الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلق قبل الدخول وتزوج بثانية ويفكر بطلاقها ليعود للأولى

السؤال

أواجه مشكلة كبيرة وتفاصيلها كالتالي :
أنا مهندس أعمل خارج مصر في إحدى الدول العربية وقد خطبت فتاة من أسرة كريمة جدا وهى طبيبة في جهة حكومية في سنة 2006 ومكثنا سنة كاملة ثم تم عقد القران في 2007 في إجازتي التالية وكنت أحبها كثيرا وتم تجهيز كل شيء في الشقة ولكن لم يتم الزواج لأن الفتاة رفضت السفر معي لأن جهة العمل لم تصدر قرار التثبيت الدائم لها في الوظيفة وبالتالي هي تخشى من السفر حفاظا على الوظيفة علما بأنه كان الاتفاق مع والدها أنها سوف تسافر معي وتأخذ إجازة مرافق زوج , مما أدى بعد ذلك إلى حدوت كثير من الخلافات بيني وبينها وذلك بعد أن توفي والدها وأمي أصبحت لا تطيق الفتاة وقد حاولت معها كثيرا ولكن المشاكل أصبحت كثيرة ثم تم الطلاق في سنة 2008 وأعطيتها حقوقها ( نصف المهر ) .
المشكلة في حزني الشديد على الزواج السابق والعناد الذي كانت فيه زوجتي السابقة .
ويوم الطلاق عند خروجنا من بيتهم إذا بها تحاول أن تتكلم معي ولكن بعد فوات الأوان .
وفي إجازتي في العام التالي أهلي رشحوا لي فتاة جديدة وجلست معها وصليت استخارة وتوكلت على الله وتمت الخطوبة ثم عقد القران والزفاف إن شاء الله بعد شهر وأنا الآن في عملي وسوف أرجع مصر للزواج منها .
المشكلة أنني أشعر الآن بأنني تسرعت في هذا الارتباط ولا أشعر بأي مشاعر تجاه الفتاة مع العلم أنها متجاوبة معي وتحاول أن تتقرب منى ولكن المشكلة أنني غير سعيد بالمرة ولا أشعر بأي انجذاب نحوها وأحيانا أتذكر اللحظات الجميلة بيني وبين زوجتي السابقة .
وسؤالي هو هل يجوز لي أن أطلق الفتاة قبل الدخول أم لا نتيجة ما أشعر به من فتور بيني وبينها وهل هذا ظلم لها علما بأنها لم تفعل شيئا يغضبني منها وهل أظلم نفسي وأكمل الحياة معها ( زوجة والسلام ) أم ماذا أفعل .
أخشى أن يعاقبني الله على هذا العمل، أفيدوني بالله عليكم .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالزم أيها السائل الرضا بقضاء الله وقدره فإن قضاءه سبحانه لعبده المؤمن كله خير وحكمة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير و ليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر و كان خيرا له و إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. رواه مسلم وغيره.

واعلم أن عواقب الأمور محجوبة عنا معشر البشر ولا يدركها على حقائقها إلا علام الغيوب الذي يعلم السر وأخفى، وقد قال سبحانه: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216}.

يقول ابن القيم: فإن العبد إذا علم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب والمحبوب قد يأتي بالمكروه، لم يأمن أن توافيه المضرة من جانب المسرة، ولم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة، لعدم علمه بالعواقب، فإن الله يعلم منها ما لا يعلمه العبد. انتهى.

فما صرفه الله عنك من الزواج بتلك المرأة هو الخير إن شاء الله وإن بدا لك في صورة الشر، فاصرف عنك التفكير في أمرها فقد يكون لهذا دور كبير فيما تشعر به من فتور وقلة توفيق في زواجك هذا.

والذي ننصحك به هو ألا تتسرع في طلاق زوجتك هذه، وما تشعر به من عدم ارتياح إليها وألفة معها قد يزول مع مرور الأيام وطول العشرة بينكما فإن طول المصاحبة والعشرة له دور كبير في تآلف القلوب وتقاربها وهذا مجرب معروف.

ولكن إن لم تطق ذلك وخفت إن أنت أتممت الزواج بها أن تقع في ظلمها أو هضم حقوقها فلا حرج عليك في تطليقها من الآن مع توفيتها حقوقها كاملة، ولا يعد هذا من الظلم لها علما بأن الأصل في الطلاق الإباحة، وتراجع الفتوى رقم: 12963.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني