الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قتل الأخت التي تقيم علاقات محرمة بعلم والدها

السؤال

السادة الشيوخ الأفاضل: لي أخت لا تتوقف منذ سنوات عن عمل علاقات مع الشباب، سواء عن طريق النت، أم الهاتف، وقد كشفناها مرة في علاقة جسدية مع شاب.
المشكلة الأخرى أن أبي ديوث، ولا يغار أبدًا، ولا ينهاها عن شيء، وهو يعلم أنها تكلم شبابًا، وطردني من البيت نهائيًا؛ لأني أحاول دائمًا أن أمنعها، وأضربها، ولا يعجبني ما يحدث، وقد قررت أن أقتلها الآن؛ لأنه لم يبق أمل في أن يصلح حالها، فقد جربت كل شيء، لمدة خمس سنوات، فهل يجوز أن أقتلها بعد أن يئست منها، ولا أعرف ماذا يمكن أن يحصل أعظم من هذا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنشكرك على غيرتك على عرضك، وحرصك على صلاح أختك، فهذا من شأن أهل الإيمان، ولا خير فيمن لا يغار على عرضه، ولا يغضب إذا انتهكت حرمات الله -فجزاك الله خيرًا-.

وإن كان حقًّا ما ذكرت عن أختك من إقامة علاقات غير شرعية مع بعض الشباب، فهذا أمر خطير، وباب إلى الفساد عريض، وقد أحسنت بإنكارك عليها، ونوصيك بالاستمرار في ذلك، ولكن حتى يؤتي ثماره، فاحرص على الرفق، والنصح بالحسنى، واستغلال المواقف المؤثرة التي يرجى معها استجابتها، قال تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ {النحل:125}، وفي صحيح مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا عائشة، إن الله رفيق، يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه. وأصل الحديث في الصحيحين.

ولا بأس بأن تهجرها، إن رجوت أن ينفعها الهجر، فإنه يرجع فيه إلى المصلحة، كما هو موضح في الفتوى رقم: 29790.

وأبوك هو وليها، وهو مسؤول عنها أمام الله تعالى يوم القيامة، فيجب عليه الحزم معها، والأخذ على يدها، ومنعها مما يسخط ربها، قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}، وروى البخاري، ومسلم عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته... والرجل راع في أهله، وهو مسؤول عن رعيته... الحديث.

فيجب على أبيك القيام بما يجب عليه، وعليكم نصحه بأن يتقي الله في نفسه، وفي ابنته، وتذكيره بالمفاسد الدنيوية، كسمعة العائلة، ونحو ذلك، فضلًا عن المفاسد الأخروية، وخطورة الدياثة، ويمكن أن تراجع فيها الفتوى رقم: 56653.

وأما قتلك أختك، فلا يجوز لك بحال، فإن فعلت، فقد ضيقت على نفسك رحمة الله سبحانه، قال الله سبحانه: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء:93}، وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لن يزال المؤمن في فسحة من دينه، ما لم يصب دمًا حرامًا. رواه البخاري، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 29819.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني