الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية قضاء الصلاة والصيام

السؤال

لم أقضِ منذ سنوات الأيام التي أفطرت فيها في رمضان, ومر عليّ الكثير من الشهور من رمضان ولم أقضِ أيًّا منها سوى واحد, حتى نسيت كم عليّ من الأيام, وأيضًا عليّ صلوات كثيرة لم أقضها, فهل إذا صمت صيام داود (أي: أصوم يومًا وأفطر يومًا) إلى ما شاء الله بنية تكفير ما فعلته وقضاء ما أحسبه قد قضي يجوز؟ وما هي كيفية قضاء الصلوات التي لم أصلها؟ فهل أصلي الفجر ثم أصلي ركعتين -مثلًا- بعده وهكذا بنية القضاء؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقبل الإجابة عما سألت عنه نريد أولًا التنبيه إلى أن فطرك إذا كان لغير عذر فأنت آثمة، وعليك المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى، وإن كان الفطر لعذر شرعي فلا إثم عليك بل يكفيك القضاء, وإذا لم تضبطي عدد الأيام التى أفطرتها, فالواجب عليك مواصلة القضاء حتى يغلب على ظنك براءة الذمة, ويجوز لك القضاء بصيام يوم وإفطار يوم كما هو الشأن في صيام داود -عليه الصلاة والسلام- حتى تبرأ ذمتك, ويجب عليك إخراج فدية عن كل يوم من أيام القضاء إذا كان التأخير عمدًا من غير عذر, أما إذا كان تأخير القضاء نسيانًا, أو جهلًا, أو لمرض, فلا فدية عليك؛ جاء في فتاوى الشيخ/ ابن باز: ما حكم المسلم الذي أهمل أداء فريضة الصوم بدون عذر شرعي لعدة سنوات مع التزامه بأداء الفرائض الأخرى؛ هل يكون عليه قضاء أو كفارة؟ وكيف يقضي كل هذه الشهور إن كان عليه قضاء؟

حكم من ترك صوم رمضان وهو مكلف من الرجال والنساء أنه قد عصى الله ورسوله، وأتى كبيرة من كبائر الذنوب، وعليه التوبة إلى الله من ذلك، وعليه القضاء لكل ما ترك مع إطعام مسكين عن كل يوم إن كان قادرًا على الإطعام. وإن كان فقيرًا لا يستطيع الإطعام كفاه القضاء والتوبة؛ لأن صوم رمضان فرض عظيم قد كتبه الله على المسلمين المكلفين، وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أحد أركان الإسلام الخمسة. أما إن ترك الصوم من أجل المرض أو السفر فلا حرج عليه في ذلك، والواجب عليه القضاء إذا صح من مرضه أو قدم من سفره؛ لقول الله -عز وجل-: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} الآية من سورة البقرة. والله ولي التوفيق. انتهى.

وجاء في الموسوعة الفقهية: وإذا أخر القضاء حتى دخل رمضان آخر فقد ذهب الجمهور إلى أنه إن كان مفرطًا فإن عليه القضاء مع الفدية، وهي إطعام مسكين عن كل يوم؛ لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال في رجل مرض في رمضان فأفطر، ثم صح فلم يصم حتى أدركه رمضان آخر: يصوم الذي أدركه، ثم يصوم الذي أفطر فيه ويطعم عن كل يوم مسكينًا. ولما روي عن ابن عمر، وابن عباس، وأبي هريرة، أنهم قالوا: أطعم عن كل يوم مسكينًا. ولم يرد خلاف في ذلك عن غيرهم من الصحابة. انتهى.

وهذه الفدية مقدارها 750 غرامًا من الأرز أو ما يقابل ذلك من غالب طعام أهل البلد، وتدفع للفقراء، وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 111559.
وأما عن قضاء الصلوات: فيجب عليك أن تقضي ما يغلب على ظنك براءة ذمتك منه، وأن تقضي تلك الصلوات كلها مرتبة فورًا على حسب استطاعتك، ولا تكتفي بقضاء كل صلاة مع نظيرتها من الصلاة الحاضرة، بل الواجب قضاء تلك الصلوات فورًا قدر الإمكان بما لا تتضررين منه في معيشتك, وقد أوجب بعض الفقهاء إذا كثرت الفوائت أن يقضي صلاة يومين مع كل يوم ويجزئه ذلك، وانظري الفتوى رقم: 31107 , والفتوى رقم: 147053.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني