الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

هل الصلع بلاء من عند الله؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فإن كنت تسأل: هل الصلع نقمة أو عقوبة؟ فالجواب لا، إذ الصلع شيء طبيعي يحصل لبعض الرجال بسبب تقدم العمر، أو لمرض، ونحو ذلك، ولا ينقص ذلك من قدرهم، بل كان العرب يعدون ذلك من أمارات السيادة، قال أحدهم:

بنى لنا المجد آباء لنا سلفوا صلع الرؤوس وسيما السادة الصلع

وقد كان جمع من سادات الصحابة والتابعين صلعا، وهم خيار الناس وأئمة الإسلام، فممن ذُكِرَ في كتب التواريخ والتراجم والسير أنه كان أصلع: عمر بن الخطاب ــ وكان شديد الصلع ــ وابنه عبد الله وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وعمار بن ياسر ومُحَمَّد بْن مسلمة والأحنف بن قيس وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وهكذا كان من كبار التابعين من هو أصلع، وكذا من أتباع التابعين، وغيرهم من أئمة الهدى؛ كالإمام مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فقد ذُكِرَ في ترجمته أنه كان طَوِيلا عَظِيمَ الْهَامَةِ أَصْلَعَ أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، وغيرهم كثير، بل ورد ما يفيد أنهم كانوا لا يعدون الصلع عيبا، ولا يعتبرون مناداة الشخص بالصلع سُبَّةً أو تنقصا، فهذا زِرُّ بنُ حُبَيْشٍ من سادات التابعين وكبارهم قال: أتيت حُذَيْفَة رضي الله عنه فَقَالَ: ممن أنت يَا أصلع؟ قلت: أنا زِرُّ بْن حُبَيْش. وفي صحيح مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَرْجِسَ، قَالَ: رَأَيْتُ الْأَصْلَعَ -يَعْنِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ- يُقَبِّلُ الْحَجَرَ وَيَقُولُ: وَاللهِ، إِنِّي لَأُقَبِّلُكَ، وَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَأَنَّكَ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَكَ مَا قَبَّلْتُكَ.
فلا يقال إنه عقوبة ونقمة، وقد جاء حديث موضوع في بيان أن الصلع تطهير من الذنوب، ولفظه: إِنَّ اللَّهَ طَهَّرَ قَوْمًا مِنَ الذُّنُوبِ بِالصَّلْعَةِ مِنْ رُؤُوسِهِمْ، وَإِنَّ عَلِيًّا لَمِنْهُمْ. وقد ذكره الشوكاني في الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة، وابنُ الجوزي في الموضوعات.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني