الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الانتفاع بالفوائد المحرمة قبل العلم بحرمة ذلك

السؤال

أقوم بإيداع أموال في دفتر توفير، وهذا الدفتر تابع للدولة، ويعطي أرباحًا كل سنة، وأعلم يقينًا أن مكتب البريد لا يعطي قروضًا، وعلمت أن مكتب البريد يعطي النقود بنكًا من البنوك؛ لكي يقوم باستثمارها له، ومنذ سنة أو سنتين حصل لي يقين بالحرمة، وسحبت جزءًا من المال؛ لكي أضعه في بنك إسلامي، ولكنهم رفضوا؛ لوجود شرط لا ينطبق عليَّ، فأرجعت النقود إلى الدفتر ثانية، وقد عرفت الآن أن من تاب فله ما سبق من أرباح، فهل يجب عليَّ إرجاع كل الأموال والأرباح على مدار العشر سنوات أو أكثر الفائتة، أم أتوب وآخذ كل الأموال بالأرباح؟ مع العلم أني كنت أسحب من الدفتر طوال هذه السنين وأودع، فما الحكم الشرعي تفصيلًا؟ وعلى فرض أن من تاب فله ما سبق، فهل يحسب منذ سنتين، أم الآن؟ مع العلم أن الأموال لا زالت بالدفتر، ولو كان لوالدتي دفتر منذ أكثر من ثلاثين سنة مثلًا، فما الحكم؟ وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالواجب عليك أولاً أن تقلع عن هذه المعاملة المحرمة، وتندم عليها، وتعزم ألا تعود إليها، وتستغفر الله تعالى منها؛ فهذه هي التوبة، وقد أيقنت الحرمة، فماذا تنتظر؟ وهكذا الحال بالنسبة لأمك، فبين لها وجوب التوبة من ذلك.

وأما مسألة الانتفاع بالفوائد المكتسبة قبل العلم بحرمة ذلك؛ فبعض أهل العلم يرى جواز الانتفاع بها، وعدم وجوب التخلص منها، يقول الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: الذي يظهر لي: أنه إذا كان لا يعلم أن هذا حرام، فله كل ما أخذ، وليس عليه شيء، أو أنه اغتر بفتوى عالم أنه ليس بحرام، فلا يخرج شيئًا، وقد قال الله تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ {البقرة:275}، أما إذا كان عالمًا، فإنه يتخلص من الربا بالصدقة به، تخلصًا منه، أو ببناء مساجد، أو إصلاح طرق، أو ما أشبه ذلك. اهـ.

وما اكتسبته من فوائد بعد علمك بتحريم ذلك، أي: منذ سنتين -كما ذكرت-، فتخلص منه بدفعه للفقراء والمساكين، أو في المصالح العامة، وهكذا الحال بالنسبة لأمك أيضًا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني