حكم الأكل من الاضحية الواجبة بالتعيين

9-1-2008 | إسلام ويب

السؤال:
لقد أفتوني بأن الأضحية التي أريد ان أضحيها لي لا يمكن أن آكل منها أذا تم تعيينها قبل يوم أو أيام من العيد ، وكذلك بأن الأضحية التي تذبح للمتوفى لا تعتبر أضحية وإنما تعتبر صدقة.
أفيدوني أثابكم الله وفق الكتاب والسنة .

الإجابــة:

خلاصة الفتوى:

فإن الأضحية سنة مؤكدة للقادر ويسن الأكل منها كما يسن الإهداء منها والتصدق، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يأكل يوم الأضحى حتى يرجع فيأكل من أضحيته رواه أحمد. وثبت عنه أنه قال في لحوم الضحايا: فكلوا وادخروا وتصدقوا. رواه مسلم.

وأما الأضحية عن الميت فمختلف فيها بين أهل العلم، والراجح عندنا مشروعيتها.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الأضحية سنة مؤكدة للقادر كما سبق بيانه في الفتوى رقم 43932، وهذه يجوز له الأكل منها اتفاقا، أما إذا وجبت فاختلف العلماء في جواز الأكل منها، فالشافعية ورواية عند الحنابلة على عدم جواز الأكل منها، قال في الإنصاف من كتب الحنابلة : قوله والسنة أن يأكل ثلثها. ويهدي ثلثها. ويتصدق بثلثها، وإن أكل أكثر : جاز . هذا المذهب. نص عليه. وعليه جماهير الأصحاب. وقطع به كثير منهم . ... تنبيهان أحدهما : هذا الحكم إذا قلنا: هي سنة. وكذا الحكم إذا قلنا: إنها واجبة فيجوز له الأكل منها على القول بوجوبها, على الصحيح من المذهب. صححه في المستوعب, والفروع, والفائق, وغيرهم. ونصره المصنف والشارح وغيرهما، وقيل: لا يجوز الأكل منها، قدمه في الرعايتين، وأطلقهما في الهداية, والمذهب، ومسبوك الذهب, والتلخيص, والحاويين, والزركشي, وغيرهم. انتهى .

وقال الرملي من الشافعية في فتاويه: و( سئل ) عن رجل ملك شاة, وقال هذه أضحية أو جعلتها أضحية ولو عند الذبح هل تصير بذلك واجبة, ويحرم أكله منها, وإن نوى به التطوع لتلفظه بذلك أم لا، وهل يحرم الأكل من الأضحية الواجبة بالنذر ابتداء أم لا ؟ ( فأجاب ) بأن الشاة المذكورة تصير بلفظه المذكور أضحية, وقد زال ملكه عنها فيحرم عليه أكله من الأضحية الواجبة. انتهى

ووجوبها يكون بالقول اتفاقا وبالنية عند البعض، قال ابن قدامة في المغني: مسألة ; قال: وإيجابها أن يقول : هي أضحية وجملة ذلك أن الذي تجب به الأضحية وتتعين به هو القول دون النية. وهذا منصوص الشافعي. وقال مالك وأبو حنيفة: إذا اشترى شاة أوغيرها بنية الأضحية صارت أضحية لأنه مأمور بشراء أضحية، فإذا اشتراها بالنية وقعت عنها كالوكيل. ولنا أنه إزالة ملك على وجه القربة فلا تؤثر فيه النية المقارنة للشراء, كالعتق والوقف, ويفارق البيع, فإنه لا يمكنه جعله لموكله بعد إيقاعه, وها هنا بعد الشراء يمكنه جعلها أضحية. فأما إذا قال: هذه أضحية صارت واجبة, كما يعتق العبد بقول سيده: هذا حر. ولو أنه قلدها أوأشعرها ينوي به جعلها أضحية  لم تصر أضحية حتى ينطق به لما ذكرنا . انتهى

وقد لخصت الموسوعة الفقهية المذاهب في المسألة بما يلي: فقد اتفق الفقهاء على أنه يستحب للمضحي أن يأكل من أضحيته , لقوله تعالى : { فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها . . . } وهذا وإن كان واردا في الهدي إلا أن الهدي والأضحية من باب واحد . ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : { إذا ضحى أحدكم فليأكل من أضحيته ويطعم منها غيره } ولأنه ضيف الله عز شأنه في هذه الأيام , فله أن يأكل من ضيافة الله تعالى . ويتفقون كذلك على أن له أن يطعم غيره منها . وهذا الاتفاق في الأضحية التي لم تجب. أما إذا وجبت الأضحية ففي حكم الأكل منها اختلاف الفقهاء. ووجوبها يكون بالنذر أو بالتعيين, وهي واجبة عند الحنفية من حيث الأصل بشرط الغنى, ولو اشتراها الفقير من أجل التضحية وجبت عليه. فعند المالكية , والأصح عند الحنابلة , أن له أن يأكل منها ويطعم غيره, ... وعند بعض الحنابلة, وهو ظاهر كلام أحمد: أنه لا يجوز الأكل من الأضحية المنذورة, بناء على الهدي المنذور, وهذا هو المذهب عند الشافعية, وفي قول آخر للشافعية: إن وجبت الأضحية بنذر مطلق جاز له الأكل منها. والحكم عند الحنفية - كما فصله ابن عابدين - أنه يجوز للغني الأكل من الأضحية الواجبة عليه , كما يجوز له الأكل من الأضحية التي نذرها إن قصد بنذره الإخبار عن الواجب عليه, فإن كان النذر ابتداء فلا يجوز له الأكل منها . وبالنسبة للفقير إذا وجبت عليه بالشراء , ففي أحد القولين: له الأكل منها , وفي القول الثاني: لا يجوز له الأكل منها . هذا ما ذكره ابن عابدين توضيحا لما ذكره الزيلعي من أنه لا يجوز الأكل من الأضحية المنذورة دون تفصيل . غير أن الكاساني ذكر في البدائع أنه يجوز بالإجماع - أي عند فقهاء الحنفية - الأكل من الأضحية , سواء أكانت نفلا أم واجبة , منذورة كانت أو واجبة ابتداء .انتهى

وعليه يتبين أنه لا حرج في الأكل من الأضحية، ولو وجبت بالتعيين، عند جمهور العلماء .

والتضحية عن الميت تعتبر أضحية لا صدقة ويصله ثوابها كما يصله ثواب الصدقات، وانظر بيانه في الفتوى رقم: 40635.

والله أعلم.

www.islamweb.net