فقد حلاوة الإيمان.. كيف يستردها؟

10-3-2009 | إسلام ويب

السؤال:
عندي مشكلة كبيرة جدا أرجو أن أجد حلها عندكم ،،منذ فترة 4 سنوات عشت فترة من الراحة النفسية الرائعة المليئة بمحبة الله والتعبد والإيمان الصادق والثقة بالله تعالى وتحجبت خلال تلك الفترة، وقد كنت سعيدة لأبعد الحدود، وقد أنعم الله علي بأشياء كثيرة، فقد كنت أرى أحلاما رائعة كنت أرى نفسي دائما أجالس الأنبياء وأقضي على الشياطين، وأسمع القرآن أيضا في منامي بشكل مستمر ،، كما أن الله تعالى رزقني بقدرة عجيبة إذ وضعت يدي على مكان ألم أحد ما خف عنه الألم ،،،لكن منذ وفاة أمي فقدت هذه النعم مرة واحدة، ومنذ أن تعرفت إلى صديقة لي أيضا وأخبرتها بتلك النعم زالت ولم تعد موجودة ،،،أنا حزينة جدا وتعيسة، فبعد أن ذقت حلاوة الإيمان، ورأيت الأنبياء في أحلامي فقدت كل شيء ،،أعرف جيدا أن السبب يعود أيضا لإهمالي لأشياء كثيرة كنت أقوم بها سابقا، وأعلم أيضا أن التقصير بدأ من عندي لهذا عاقبني الله، وأمنيتي الوحيدة أن أعود إلى الله كما كنت فهو حبيبي ورفيقي أينما أكون، وهو كل شيء عندي والله ،،،أرجوكم أعينوني كيف أعود إلى الله، وماذا أفعل لأستعيد تلك النعم التي عندما فارقتني أخذت روحي معها؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله لنا ولجميع المسلمين مزيدا من الخير والصلاح والاستقامة والثبات، ونفيدك أن من وسائل التوبة والانابة والاستقامة استحضار أهميتها وأنها هي السبيل الوحيدة للسعادة في الدنيا والآخرة، فقد قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53} وقال جل وعلا: فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {المائدة:39} وقال سبحانه: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طـه:82} وقال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ*نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ*نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ {فصلت:32،31،30} وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ*أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {الأحقاف:14،13} 

ومن وسائل تحصيلها الاستعانة بالله تعالى، والالتجاء إليه سبحانه، والعمل بمقتضى كتابه واتباع هدي رسوله صلى الله عليه وسلم، ومصاحبة أهل الخير الذين يدلون على طاعة الله تعالى، ويرغبون فيها، ويحذرون من طاعة الهوى وإغواء الشيطان مع البعد عن قرناء السوء المنحرفين عن سبيل الهدى المتبعين للهوى فقد قال الله تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا {الكهف:28} وقال النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة . متفق عليه.  

وعليك بمراقبة الله في السر والعلانية، فقد قال الله تعالى:  وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ { الحديد:4}

واعلمي أن حلاوة الإيمان حقيقة معنوية يجعلها الله في قلوب المستقيمين من عباده، وأمارتها حب الاشتغال بالطاعات والصبر عليها.

 قال الإمام النووي في شرحه لمسلم : قال العلماء رحمهم الله : معنى حلاوة الإيمان استلذاذ الطاعات وتحمل المشقات في رضا الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم وإيثار ذلك على عرض الدنيا ومحبة العبد ربه سبحانه وتعالى بفعل طاعته وترك مخالفته، وكذلك محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم. اهـ

ومن المعلوم أن للإيمان لذة، ولها أسباب تحصل بها؛ كما في الحديث : ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان؛ أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار . رواه البخاري ومسلم.

وفي الحديث: ذاق طعم الإيمان : من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا رسولا. رواه مسلم.

فالذي يريد تذوق طعم الإيمان يحافظ على الفرائض، ثم يكثر من النوافل والطاعات؛ كما في الحديث: ما تقرب إلي عبدي بشيءأحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به... الحديث. 

ولهذا ننصحك بأن تنظري نفسك وتراجعي علاقتك مع ربك ومدى التزامك بالصلاة والمحافظة عليها والخشوع فيها، والإكثار من نوافلها فهي الصلة بينك وبين ربك، فأحسني صلتك به تجدي لذة المناجاة ولذة الاستقامة ولذة الطاعة، وجاهدي نفسك واصبري على الالتزام بالطاعت وستجدين اللذة إن شاء الله.

وأما الرؤى الحسنة وحصول بعض الشفاء على يدك فحصوله من المستقيمين كرامة، ولكن فقدها لا يضر إذا ظل العبد متمسكا بدينه، فالكرامة الكبرى هي الاستقامة واتباع السنة، والفرق بين الكرامة والاستدراج كما قال أهل العلم : أن صاحب الكرامة مستقيم على شرع الله تعالى متبع لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 10800،25854، 29853، 71891،  65441، 7369.

والله أعلم.

www.islamweb.net