الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان الأمر على ما ذكر في السؤال من أن هجر هذه الأم لابنتها طوال هذه المدة بدون سبب معتبر، فإنها تكون قد ارتكبت كبيرة من أعظم الكبائر وأبشعها ألا وهي قطيعة الرحم وتضييع حق ابنتها، فإن الأبناء لهم حقوق على آبائهم كما أن للآباء عليهم حقوقاً، فمن حق الولد على والده أن يصله وأن يحسن معاملته وأن يبذل له حقه من الرحمة والرأفة والشفقة، وقد بينا جانباً من ذلك في الفتويين رقم: 15008، ورقم: 23307وراجعي حكم قطيعة الرحم في الفتاوى التالية أرقامها: 116567، 62260، 13912، وقد بينا في الفتوى رقم: 1107 أن هجر الوالد لولده من قطيعة الرحم.
لكننا في النهاية ننبه على أمرهام ـ طالما نبهنا عليه وأكدناه في فتاوانا ـ وهو أن قطيعة الوالد لولده لا تسوغ للابن أن يقابلها بمثلها، بل حق الوالد - سواء الأب أو الأم- باق على ولده لا يسقطه شيء، فالواجب على هذه المرأة أن تسعى لصلة أمها وبرها ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، ولتتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري وغيره.
وقوله صلى الله عليه وسلم ـ وقد جاءه رجل فقال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهيرعليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم.
والله أعلم.