مذاهب أهل العلم فيمن حلف على ترك أمر ففعله ناسيا

3-12-2012 | إسلام ويب

السؤال:
حلفت أني لن أدخل بيت ابني المتزوج أبدًا؛ بسبب زوجته التي تتهمني وتكذبني وتنسب لي أقوالًا، وفي أحد الأيام ذهبت أمي المسنة والمريضة إلى بيت ابني, وأنا كنت في الخارج في السيارة, وعندما دخلت أمي المريضة أغمي عليها في بيت ابني, وأخذ هو ينادي ويصرخ جدتي ماتت, ظنًّا منه أنها ماتت, ومن شدة فزعي نزلت من السيارة ودخلت بيت ابني من أجل أمي المريضة, ناسية أني حلفت أن لا أدخل بيته, وبعد أخذ أمي إلى المستشفى تذكرت ذلك, ولم أعرف ما سأفعله, وماحكم ذلك؟ وما يجب عليّ فعله؟
بارك الله فيكم, وأثابكم.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ذهب أكثر أهل العلم إلى أن الحنث يحصل بفعل المحلوف عنه نسيانًا, جاء في مختصر خليل المالكي مع شرحه: " وَإذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا وَفَعَلَهُ نَاسِيًا حَنِثَ (بِالنِّسْيَانِ) أَيْ: يَفْعَلُهُ نَاسِيًا (إنْ أَطْلَقَ) الْحَالِفُ يَمِينَهُ, أَيْ: لَمْ يُقَيِّدْهَا بِعَدَمِ النِّسْيَانِ، فَإِنْ قَيَّدَ بِعَدَمِ النِّسْيَانِ بِأَنْ قَاَل: مَا لَمْ أَنْسَ, أَوْ إلَّا نَاسِيًا فَلَا يَحْنَثُ بِالنِّسْيَانِ، وَمِثْلُ النِّسْيَانِ الْخَطَأُ وَالْجَهْلُ، مِثَالُ الْخَطَأِ فِي الْفِعْلِ حَلِفُهُ لَا دَخَلَ دَارَ فُلَانٍ فَدَخَلَهَا مُعْتَقِدًا أَنَّهَا غَيْرُهَا فَيَحْنَثُ".

وذهبت طائفة من العلماء إلى أنه لا حنث في فعله نسيانًا, قال النووي في روضة الطالبين: فإذا وجد القول أو الفعل المحلوف عليه على وجه الإكراه أو النسيان أو الجهل سواء كان الحلف بالله تعالى أو بالطلاق فهل يحنث قولان: أظهرهما لا يحنث. انتهى.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ..قَدْ يَفْعَلُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ نَاسِيًا، أَوْ مُتَأَوِّلًا، أَوْ يَكُونُ قَدْ امْتَنَعَ لِسَبَبٍ، وَزَالَ ذَلِكَ السَّبَبُ، أَوْ حَلَفَ يَعْتَقِدُهُ بِصِفَةٍ فَتَبَيَّنَ بِخِلَافِهَا، فَهَذِهِ الْأَقْسَامُ لَا يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ عَلَى الْأَقْوَى.

والمفتى به عندنا هو هذا المذهب الأخير، وبالتالي فلا حنث عليك, وعلى القول بالكفارة فهي: إطعام عشرة مساكين, أو كسوتهم, أو تحرير رقبة، فإن لم تجدي شيئًا من ذلك فعليك صيام ثلاثة أيام, وانظري الفتوى: 2053.
هذا وننبه إلى أنه كان من الأفضل لك أن تحنثي نفسك, وتدخلي بيت ابنك؛ لما في ذلك من المودة وصلة الرحم, فقد قال صلى الله عليه وسلم: "إني والله - إن شاء الله - لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير، أو أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني. رواه البخاري وغيره.

كما ننبه إلى أن زوجة الابن ينبغي أن تحترم أم زوجها, وتعاملها معالمة البنت لأمها لمكانة زوجها, وينبغي للأم أن تساعد زوجة ابنها على البر, وذلك بالإحسان إليها والرفق بها؛ فقد قال تعالى: وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {البقرة:195}، وقال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه. متفق عليه. 

والله أعلم.

www.islamweb.net