هل هذه الصيغة من النذر؟

17-2-2013 | إسلام ويب

السؤال:
في يوم من الأيام عصيت الله, وفي بحثي عن التواب رفعت يديَّ إلى السماء, وقلت: (اللهم إن تغفر لي فإنني لن أكرر مثل هذه الأعمال, وأقسم أن هذا وعد مسلمٍ لربه) فهل يعتبر دعائي هذا نذرًا؟ وما حكمه؟
وشكرًا جزيلًا على الإجابة.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فمن المناسب أولًا التنبيه إلى أنه مهما عظم ذنب العبد فإنه إذا تاب توبة صادقة مستوفية لشروطها، تاب الله عليه، بل إن الله يفرح بتوبة العبد، ويحب التوابين، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر 53}, وما تلفظت به ليس هو الطريق المناسب للتوبة، بل التوبة إنما تكون باستيفاء شروطها, وشروط التوبة هي: الإقلاع عن الذنب, والندم على فعله, والعزم على عدم العود، وللمزيد عن شروط التوبة انظر الفتوى رقم: 5646.

وفي خصوص قولك: اللهم إن تغفر لي فإنني لن أكرر مثل هذه الأعمال... فإن الكلام عنه يكون من عدة نواح:

الأولى: أنه ليس صيغة نذر؛ لأن النذر إنما ينعقد بلفظ مشعر بالالتزام, قال الشربيني الشافعي في مغني المحتاج: وأما الصيغة فيشترط فيها لفظ يشعر بالتزام فلا ينعقد بالنية, كسائر العقود.

الثانية: أننا إذا قلنا: إن ما صدر يعتبر كناية, وإن النذر ينعقد بالكناية مع النية عند كثير من أهل العلم, كما تقدم في الفتويين: 111945، 102449، فإنه هنا معلق على المغفرة, وهي أمر غيبي لا يمكن التحقق من حصوله، ومن ثَمَّ لا يمكن القطع بانعقاده هنا.

الثالثة: أننا إذا أخذنا بالقول بأن التعليق على ما لا تعلم حقيقته يكون بمنزلة عدم التعليق، كما هو الحال في قول القائل: أنت طالق - إن شاء الله - أو إن شاءت الجن أو الملائكة ونحو ذلك, وأن النذر المعلق على ما لا تعلم حقيقته يعتبر بحكم المنجز, فإن المنذور هنا أمر واجب، وهو عدم العود إلى المعصية، ونذر الواجب لا ينعقد عند جماهير العلماء، ومن ثَمَّ فلا يترتب شيء على عدم الوفاء به، كما بيناه في الفتوى رقم: 52319، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى وجوب كفارة يمين إذا لم يفِ به صاحبه، وراجع الفتوى رقم: 15049.

ولا شك في أن مذهب شيخ الإسلام في إيجاب كفارة يمين في الحنث في نذر الواجب أحوط.

وأما قول السائل: وأقسم أن هذا وعد مسلم لربه, فالظاهر أنه لا يترتب عليه شيء؛ لأنه لا يعدو كونه إخبارًا عن أمر واقع.

وعلى أية حال: فإننا ننصح السائل بالتوبة مما صدر منه من المعصية, وبالابتعاد عن الطرق المؤدية إلى الوقوع فيها مرة أخرى, وأن يستعين على ذلك بالرفقة الصالحة, والابتعاد عن رفاق السوء والبيئات السيئة.

والله أعلم.

www.islamweb.net