الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله الرحمة لوالدكم، وأن يحسن عزاءكم، ويتقبل منه ما قدم من الأعمال، ونوصيكم بالصبر والترحم عليه والاستغفار والدعاء له، وإذا أمكن أن تتصدقوا أو تحجوا وتعتمروا عنه، فذلك من البر به والإحسان إليه، واعلم أنه لا إثم عليك، ولا ضمان ـ إن شاء الله ـ فيما تشك فيه، لعدم التيقن من تفريطك، ولأن العبد مكلف باليقين أو بغلبة الظن، فإذا لم يتيقن التفريط أو يغلب على الظن، فالأصل عدم لزوم شيء، لأن الأصل البراءة حتى يثبت عدمها، قال أبو محمد ابن حزم رحمه الله: إنْ مَاتَ ـ أي الصبي ـ مِنْ فِعْلِهَا ـ أي أمه ـ مِثْلَ: أَنْ تَجُرَّ اللِّحَافَ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ يَنَامَ، فَيَنْقَلِبَ، فَيَمُوتَ غَمًّا، أَوْ وَقَعَ ذِرَاعُهَا عَلَى فَمِهِ، أَوْ وَقَعَ ثَدْيُهَا عَلَى فَمِهِ، أَوْ رَقَدَتْ عَلَيْهِ ـ وَهِيَ لَا تَشْعُرُ ـ فَلَا شَكَّ أَنَّهَا قَاتِلَتُهُ خَطَأً، فَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ، وَعَلَى عَاقِلَتِهَا الدِّيَةُ، أَوْ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَمُتْ مِنْ فِعْلِهَا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ، أَوْ لَا دِيَةَ أَصْلًا، فَإِنْ شَكَّتْ أَمَاتَ مِنْ فِعْلِهَا أَمْ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهَا؟ فَلَا دِيَةَ فِي ذَلِكَ، وَلَا كَفَّارَةَ، لِأَنَّنَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ بَرَاءَتِهَا مِنْ دَمِهِ، ثُمَّ عَلَى شَكٍّ أَمَاتَ مِنْ فِعْلِهَا أَمْ لَا؟ وَالْأَمْوَالُ مُحَرَّمَةٌ إلَّا بِيَقِينٍ، وَالْكَفَّارَةُ إيجَابُ شَرْعٍ، وَالشَّرْعُ لَا يَجِبُ إلَّا بِنَصٍّ، أَوْ إجْمَاعٍ، فَلَا يَحِلُّ أَنْ تُلْزَمَ غَرَامَةً، وَلَا صِيَامًا، وَلَا أَنْ تُلْزَمَ عَاقِلَتُهَا دِيَةً بِالظَّنِّ الْكَاذِبِ. انتهى.
والله أعلم.