الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإننا نشكرك على حرصك على حفظ القرآن، والسنة، والاجتهاد في أمر النوافل، فجزاك الله خيرًا، ورجاؤنا أن يكون في هذا حافزًا لك على المزيد من التحصيل العلمي في دراستك الجامعية؛ فإن هذا من بركة هذه العلوم الشرعية، وما تكسب صاحبها من الاستقرار النفسي، وطمأنينة القلب، ونور البصيرة، فاجتهد لتبر والديك؛ فيبارك الله فيك بسبب ذلك، هذا بالإضافة إلى أن تنظيم الوقت، مهم لتحقيق الأهداف المبتغاة، واستحضر الحديث الذي رواه البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ.
ومن المهم جدًّا أن تستغل أوقات الإجازة للعلوم الشرعية، والمقصود من هذا بيان أن الأمر هيّن، وأن بالإمكان التوفيق لمن كان صاحب عزيمة، وهمة عالية.
ومن العجيب إطلاق بعض إخوتك القول: إن هذه الدراسة الجامعية واجبة، تقدّم على حفظ القرآن، وأداء نوافل الطاعات، فتعلم تلك العلوم -إن كانت مما يشرع تعلمه- من فروض الكفايات، بمعنى أنها إذا قام بها من يكفي، سقط الإثم عن الباقين، فمن أين لهم أنها متعينة في حقك؟ مع العلم أن تعلم العلوم الشرعية من فروض الكفاية أيضًا، ومن هذه العلوم الشرعية ما هو متعين، وتراجع الفتوى رقم: 218203، والفتوى رقم: 277666. وكما أسلفنا لا نرى تعارضًا أصلًا بين تحصيل هذين العلمين، فالتوفيق بينهما ممكن -إن شاء الله-.
ولا يلزم أباك دفع مصاريف دراستك في الجامعة؛ فإن هذه المصاريف لا تدخل في النفقة الواجبة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 59707
فعلى كل تقدير؛ لا يأثم أبوك إن لم ينفق على دراستك.
وأداء النوافل مما يزداد به المسلم قربًا من ربه، وينال به محبته، كما في الحديث القدسي: وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه.
فيؤجر المسلم بفعلها، ولا يأثم بتركها، ولا ينبغي تركها، واحرص على أن تأخذ نصيبًا من النوافل، على وجه لا يشغلك عن دراستك.
والله أعلم.