الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قصة إسلام باذان عامل كسرى على اليمن ذكرها ابن هشام في سيرته، والطبري في تاريخه، وغيرهما من أهل السير والأخبار، وأخرجها ابن سعد في الطبقات الكبرى عن شيخه محمد بن عمر الأسلمي بأسانيد له عن جمع من الصحابة.
قال: دخل حديث بعضهم في حديث بعض قالوا : ...وبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن حذافة السهمي وهو أحد الستة إلى كسرى يدعوه إلى الإسلام، وكتب معه كتابا. قال عبد الله: فدفعت إليه كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقرئ عليه، ثم أخذه، فمزقه، فلما بلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: اللهم مزق ملكه.
وكتب كسرى إلى باذان عامله على اليمن أن ابعث من عندك رجلين جلدين إلى هذا الرجل الذي بالحجاز، فليأتياني بخبره، فبعث باذان قهرمانه، ورجلا آخر، وكتب معهما كتابا، فقدما المدينة، فدفعا كتاب باذان إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فتبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ودعاهما إلى الإسلام، وفرائصهما ترعد، وقال: ارجعا عني يومكما هذا، حتى تأتياني الغد، فأخبركما بما أريد، فجاءاه من الغد، فقال لهما: أبلغا صاحبكما أن ربي قد قتل ربه كسرى في هذه الليلة لسبع ساعات مضت منها، وهي ليلة الثلاثاء لعشر ليال مضين من جمادى الأولى سنة سبع، وأن الله -تبارك وتعالى- سلط عليه ابنه شيرويه، فقتله، فرجعا إلى باذان بذلك، فأسلم هو والأبناء الذين باليمن. اهـ
والحديث صححه الألباني في السلسلة الصحيحة، وقال بعد ما ذكر طرقه: فصح الحديث، والحمد لله تعالى، ولعله لما ذكرنا للحديث من الشواهد والطرق سكت عليه الحافظ في " فتح الباري". انتهى.
والله أعلم.