الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأولاد غير محتاجين للنفقة، ولو بمجرد القدرة على الكسب؛ فلا يجب على أبيهم أن ينفق عليهم، أو يزوجهم.
وأمّا إذا كانوا محتاجين للنفقة؛ فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنّ الواجب على الأب تزويجهم، إذا كان قادرا على ذلك.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: على الأب إعفاف ابنه إذا كانت عليه نفقته، وكان محتاجا إلى إعفافه، وهو قول بعض أصحاب الشافعي. انتهى.
وقال المرداوي –رحمه الله- في الإنصاف: القدرة على الكسب بالحرفة تمنع وجوب نفقته على أقاربه. انتهى.
وبغض النظر عن الوجوب وعدمه؛ فإنّ الأب إذا كان موسراً، ويقدر على إعانة أولاده على الزواج؛ فينبغي عليه أن يبادر بإعانتهم على الزواج، فهذا من أفضل وجوه إنفاق المال.
وعلى كل الأحوال؛ فإنّ على الأولاد برّ أبيهم، والإحسان إليه، ولا يجوز لهم الإساءة إليه، أو التقصير في حقّه، فحقّ الوالد على ولده عظيم، ففي الأدب المفرد للبخاري عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قَالَ: رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الْوَالِدِ، وَسَخَطُ الرب في سخط الوالد. وعن أبي الدرداء أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب أو احفظه. رواه ابن ماجه والترمذي.
قال المباركفوري –رحمه الله- في تحفة الأحوذي: قَالَ الْقَاضِي: أَيْ خَيْرُ الْأَبْوَابِ وَأَعْلَاهَا، وَالْمَعْنَى أَنَّ أَحْسَنَ مَا يُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ وَيُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى وُصُولِ دَرَجَتِهَا الْعَالِيَةِ مُطَاوَعَةُ الْوَالِدِ، وَمُرَاعَاةُ جَانِبِهِ. انتهى.
والله أعلم.