الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن كسر له عضو من أعضاء الوضوء أو الغسل، إما أن يكون الجرح مكشوفًا، أو مستورًا. فإن كان مكشوفًا؛ فالواجب غسله، فإن تعذر؛ فالمسح، فإن تعذر؛ فالتيمم، قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16}، وقال صلى الله عليه وسلم: ... وما أمرتكم به، فأتوا منه ما استطعتم. رواه البخاري ومسلم.
وعليه؛ فإن كانت يدك المصابة مكشوفة ليس عليها جبيرة، ولا يمكن صب الماء عليها خشية الضرر؛ فإنه يغسل الصحيح إن كان غسله ذلك لا يضر، ويتيمم عن العضو المصاب.
قال النووي في المجموع: فَيَجِبُ غَسْلُ الصَّحِيحِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، ... وَيَجِبُ التَّيَمُّمُ مَعَ غَسْلِ الصَّحِيحِ، وَلَا يَجِبُ مَسْحُ مَوْضِعِ الْكَسْرِ بِالْمَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ مِنْهُ ضَرَرًا؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ بِالْمَاءِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ ... اهـ.
وقال ابن قدامة في المغني: وإذا لم يكن على الجرح عصاب، فقد ذكرنا فيما تقدم أنه يغسل الصحيح، ويتيمم للجرح ... اهـ.
وإن كانت يدك مستورة بجبيرة ونحوها، فإنه يغسل الصحيح، ويمسح على المستور. وقد نص الفقهاء على أنه لا يجمع في هذه الحال بين التيمم، والمسح على العضو المصاب، إلا إذا كانت الجبيرة جاوزت قدر الحاجة، فيتيمم حينئذ عن مكان الجرح، ويمسح عما غطته الجبيرة من البدن الصحيح، ويغسل بقية البدن.
قال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: (يَجِبُ التَّيَمُّمُ) لِخَبَرِ الْمَشْجُوجِ السَّابِقِ، وَهَذَا التَّيَمُّمُ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ الْعُضْوِ الْعَلِيلِ، وَمَسْح السَّاتِرِ لَهُ، بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ مَا تَحْتَ أَطْرَافِهِ مِن الصَّحِيحِ، كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ بَدَلٌ عَمَّا تَحْتَ الْجَبِيرَةِ. وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ السَّاتِرُ بِقَدْرِ الْعِلَّةِ فَقَطْ، أَوْ بِأَزْيَدَ، وَغَسَلَ الزَّائِد كُلَّهُ، لَا يَجِبُ الْمَسْحُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، فَإِطْلَاقُهُمْ وُجُوب الْمَسْحِ، جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ السَّاتِرَ يَأْخُذُ زِيَادَةً عَلَى مَحِلِّ الْعِلَّةِ، وَلَا يُغْسَلُ ... اهـ.
وبالتالي فلا بد من مراعاة هذه الضوابط عند التيمم، وإلا لم يجز التيمم حينئذ، ولا تصح الصلاة بالتيمم إلا عند مشروعية الانتقال إليه.
والله أعلم.