مسائل تتعلق بنفقة الأولاد على والديهم وإخوانهم

21-7-2004 | إسلام ويب

السؤال:
حضرة الأخ العزيز : أرجو أن آخذ من وقتكم في قراءة هذه الرسالة عارضا إياها على أهل العلم الثقات إن شاء الله وبارك الله فيكم .
بسم الله الرحمن الرحيم ..... وبعد ,
إن كان يغني الاختصار فالسؤال هو : ما هي الحدود التي تستطيع يدي أن تصلها من مال كل واحد من أولادي دون أن أظلم منهم أحدا ذكرا أو أنثى .
وإن كان لا بد من التفصيل فيها فهو :
أنا رجل قاربت على الستين من العمر , عملت ثلاثين عاما في حقل التدريس ,أعطيت خلالها لزوجتي وأولادي ما يعطيه الآباء والأزواج وكنت حريصا أن لا أغل يدي إلى عنقي , وأن لا أبسطها أكثر مما أمر الله ,رزقني الله أربعة من الذكور وأربعة من الإناث كمايلي:
•بنت مواليد 1972 أكملت دراستها سنتين بعد الثانوية العامة وتزوجت وأنجبت.
•ولد مواليد 1974 أكمل دراسته الجامعية مهندس مكانيك عام 96 والماجستير عام 98(الجامعة الأردنية)
•ولد مواليد 1975 أكمل بكالوريوس محاسبة عام 96 والماجستير عام 98(الجامعة الأردنية)
•ولد مواليد 1977 أكمل بكالوريوس محاسبة عام 2001 (التطبيقية),وبدأ بدراسة الماجستير عام 2004
•بنت مواليد عام 1979 أكملت سنتين بعد الثانوية العامة ,وتزوجت برجل متوسط الحال
•بنت مواليد 1982 تدرس في السنة الأخيرة بكالوريوس لغة إنجليزية (الزرقاء الأهلية)وعلى حسابي
•بنت مواليد 1986 طالبة في الثانوية العامة لهذا العام ‏2004‏‏
•ولد مواليد 1994 طالب في الرابع الابتدائي في مدرسة خاصة
بدأ عمل الولد الأول "مهندس مكانيك" عام 96 ولا يزال .. وكان وضع الصرف أن يضع راتبه بتصرفي وأصرف منه على أمور البيت وتعليم الإخوة والأخوات وما امتاز به عن إخوته أنه حين سافر إلى السعودية حول لنا حوالي عشرين ألف دينار خلال ثلاث سنوات هناك.أما وهو معنا في عمان فكان كل ماله معي أنفق منه ,راتبه اليوم في السعودية 6000 ريال بالإضافة إلى سكن.
الولد الذي يليه وهو ماجستير المحاسبة ويعمل مدرسا في جامعة حكومية في الأردن,بدأ منذ عمله وحتى اليوم يضع راتبه أيضا تحت تصرفي وأنفق منه على تعليم إخوته وأخواته.
الولد الثالث بكالوريوس محاسبة أنفقت عليه خلال دراسته حوالي 12000 دينار أردني وبعد تخرجه من جامعة خاصة عمل حوالي سنتين كان يضع راتبه تحت تصرفي حتى انتسابه للماجستير فتركته له لتعليمه .
البنت التي تدرس إنجليزي أنفقت عليها حتى الآن ما يقارب 6000 دينار غير المصاريف , وبنت الثانوية العامة (التوجيهي) لا أدري إلى أين يكتب لها طريقا في حياتها وكذلك الطفل الصغير مع العلم أن تدريسه يكلف أقساطا بسيطة حوالي 30 دينارا شهريا .
ثمن الأرض ثلاثون ألفا من نقودي الخاصة أضيف لها نقود من ولديّّّ الذين يعملون في الأردن (الأستاذ والمحاسب) ما نسبته 4/30 أربعة إلى ثلاثين من ثمنها والتي اشتريتها حديثا كما أضيف إلى النقود ما نسبته 7/30 سبعة إلى ثلاثين من المهندس وكتبت الأرض باسمي لوحدي . حول بعدها المهندس حوالي 5000 خمسة آلاف دينار اشتريت بها أرضا للاستثمار البعيد واضطررت لكتابتها باسمي لعدم وجود ولدي في البلد.
تزوج المهندس أكبر أولادي حديثا ورزق بطفلة عمرها أشهر قليلة .
الالتزامات الحالية : فصل واحد للبنت التي تدرس إنجليزي بكلفة تقدر ب 800 (ثمانماية دينار) ومصروف البيت الشهري وأقساط مدرسة الطفل الصغير.
الالتزامات المتوقعة : تدريس البنت الأخيرة بعد الثانوية العامة لهذا العام وأقساط الصغير وما يفكر له الكبار من دراسة الدكتوراه في الوقت الذي يرونه مناسبا وزواج اثنين من الذكور بلغوا أكبر من سن الزواج فأعمارهم 29,27 سنة.
هناك أيضا تفكير في التصرف بشقتين نعيش فيهما ببيعهما وبناء مسكن حديث في الأرض أو بيع أرض قديمة غير التي اشتريناها حديثا يمكن بثمنها بناء بيت حديث علما أن ثمن الأرض القديمة كله مني حيث كان أطفالي حينها صغارا جدا.
أصدقاء العمر بعضهم يشير عليّ أن أكون أنا صندوق الجميع وأنا الذي ارسم لهم وأعطي وأنفق حسب تصوري لأن أمامهم الكثير لإنجازه ولا يستطيعون بدوني عمل ذلك,بمعنى أن لا يتصرفوا بأكثر من مصروفهم حتى تجهز لهم مسكنا وتعليما كاملا ويبنون حياتهم معا لا أن أعلمهم الانفصال عن العائلة والتخطيط المنفرد كل لنفسه فقط بعدها لن تستطيع جمعهم .
البعض الآخر يقول إنه لا يجوز أن ينفق من يعمل بالسعودية كل راتبه أسوة بمن هو جالس في الأردن مستريحا بقربك في جو العائلة , وعلى من يذوق ثمن غربته عن أهله أن يكون لذلك ثمن هو فرق الراتب وأن تشجعه على التوفير في الغربة فليس صحيحا أن يحول لك عمل ثلاث سنوات تنفق على البيت ويشترى بها أرضا من فلوسه وتسجل باسم الجميع ليكون له في الميراث ما لسواه من ذكر أو أنثى.
آخرون يقولون إن من عندك يعطونك كل ما معهم ولا يوفرون من رواتبهم شيئا لأنفسهم.وبعضهم يحثني على الاهتمام بالصغير والبنت أو البنات في التعليم المطلوب لينالوا من التعليم والرعاية ما ناله سواهم من مالك الخاص.
أحاول أن أرضي الله أولا في تصرفاتي وأن تكون ضمن ما أمر الله حتى لا أتجاوز حق ذكر أو أنثى ممن هم في حضني أو في أحضان أزواجهم.
فهل لي أن أعرف حكم الله في ذلك حتى أضع صاحب كل حق عند حقه علما أنني لا أطلب لنفسي منهم شيئا إذ أني أتقاضى راتبا تقاعديا يكفي فقط لمصروف البيت.
وجزاكم الله كل خير و متأسف للإطالة.
حامد عبد الهادي محمد رمضان
00962795451424

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يبارك لك في أهلك ومالك وأن يصلح حالنا وحالك.

أما عن سؤالك فقد اشتمل على عدة مسائل:

المسألة الأولى: هي ما أنفقته على أولادك من أموال وهو قسمان:

الأول: ما هو واجب عليك من النفقة كالمأكل والمشرب والملبس والمسكن ونحو ذلك، فهذا لا يجوز الرجوع فيه ولا المطالبة بمقابله.

والثاني: ما ليس بواجب كالتعليم عند بعض أهل العلم، وبعض أهل العلم يوجب على الأب أن يعلم ابنه، فهذا يجوز لك الرجوع فيه والمطالبة بمقابله إذا كان على سبيل القرض وليس على سبيل الهبة والعطية.

والمسألة الثانية: هي ما أنفقه أبناؤك عليك وعلى إخوتهم من أموال وهي أيضا قسمان:

الأول: ما هو واجب عليهم كالنفقة عليك وعلى أمهم عند الحاجة، فهذا لا يجوز لهم الرجوع فيه ولا المطالبة بمقابله.

والثاني: ما ليس بواجب عليهم البناء الزائد عن الحاجة وتعليم إخوانهم وشراء الأراضي والأعمال التجارية ونحو ذلك، فهذا يجوز لهم الرجوع فيه والمطالبة به إذا كان على سبيل القرض، أما إذا كان على سبيل التبرع والهبة والعطية فلا يجوز لهم الرجوع.

والمسألة الثالثة: ما يتعلق بالنظام الاجتماعي في هذه المسألة، والحاصل في كثير من البلدان وهو أن الولد الكبير يعمل ويضع كل ما يكسبه بيد أبيه لينفقه على نفسه وإخوانه الصغار، ثم إذا حصلت القسمة كان نصيب الكبير الذي تعب السنين الطوال كنصيب الرضيع الذي لم يعمل قط.

ولا يخفى ما في هذا من الحيف، والذي ينبغي في ذلك هو أنه إذا كبر الولد وصار معتمدا على نفسه فإنه ينفصل ويبني نفسه وحياته، وعليه أن ينفق على والديه وإخوانه إذا احتاجوا لذلك وأن يساعد إخوانه بالمعروف عند كل مناسبة تقتضي المساعدة، سواء كانت تكاليف زواج أو رسوم دراسة أو علاجا من مرض أو غير ذلك.

والمسألة الرابعة: هي ما يجوز للوالد أن يأخذه من مال ولده:

فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. رواه أحمد وغيره. ومعناه: أن للأب أن يأخذ من مال ابنه عند الحاجة ولو بدون إذنه. قال ابن قدامة في المغني بشرطين:

أحدهما: أن لا يجحف بالابن ولا يضر به، ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته.

الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه لآخر بدون إذن منه وطيب نفس، نص عليه أحمد في رواية إسماعيل بن سعد.

وذلك أنه ممنوع من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه، فلأن يمنع من تخصيصه بما أخذ من مال الآخر أولى. انتهى.

والله أعلم.

www.islamweb.net