هل للزوج أن يمنع زوجته من زيارة والديها؟

25-1-2004 | إسلام ويب

السؤال:
ما حكم الشرع في زوج يمنع زوجته من زيارة والدتها المريضة ويمنعها من الاهتمام بها حيث إنها محتاجة للخدمة ومحتاجة إلى من يعولها؟ وشكراً.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: ‏

فالأصل هو قرار المرأة في بيتها، وطاعتها لزوجها، كما قال تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب:33]، وقوله صلى الله عليه وسلم: لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لغير الله، ‏لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى ‏تؤدي حق زوجها كله، حتى لو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه. رواه أحمد وابن ‏ماجه بسند حسن، وهو عند الترمذي إلى قوله: أن تسجد لزوجها. إلى غير ذلك من ‏النصوص.‏

واتفق الفقهاء على جواز خروجها بلا إذن زوجها عند الضرورة والحاجة التي لا بد منها، ‏كخوف هدم وعدو وحريق وللاستفتاء في مسألة تحتاجها إذا لم يغنها الزوج في ذلك.‏

واختلف الفقهاء في خروجها لزيارة أهلها وعيادتهم، فذهب الحنابلة إلى أن للزوج أن ‏يمنعها من ذلك، وأن عليها أن تطيعه حينئذ. قال أحمد في امرأة لها زوج وأم مريضة: ‏طاعة زوجها أوجب عليها من أمها إلا أن يأذن لها.‏

إلا أنهم قالوا: يستحب للزوج أن يأذن لها في الخروج لما في ذلك من صلة الرحم، ولما في ‏منعها من قطيعة رحم، وربما حملها عدم إذنه على مخالفته.‏

وعندهم: لا يملك الزوج منعها من كلامهما، ولا يملك منعهما من زيارتهما لها، إلا مع ظن ‏حصول ضرر بسبب زيارتهما، فله أن يمنع دفعاً للضرر.‏

واستدلوا بما رواه ابن بطة في أحكام النساء عن أنس: أن رجلاً سافر ومنع زوجته ‏الخروج، فمرض أبوها فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حضور جنازته فقال ‏لها: اتقي الله، ولا تخالفي زوجك، فأوحى الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم أني قد غفرت ‏لها بطاعة زوجها.‏

وذهب الحنفية والمالكية إلى أنه ليس للزوج أن يمنعها من زيارة والديها، قال الزيلعي في ‏تبين الحقائق: قيل لا يمنعها من الخروج إلى الوالدين إلخ. قال الكمال: ولو كان أبوها زمناً ‏‏(مريضاً) مثلاً، وهو يحتاج إلى خدمتها، والزوج يمنعها من تعاهده فعليها أن تعصيه، ‏مسلماً كان الأب أو كافراً.‏

وقيد بعض الحنفية بما إذا لم يقدر الأبوان على إتيانها.‏

وعند المالكية: لو حلف ألا تزور والديها حنث، وقضي لها بالزيارة إن كان والداها في ‏نفس البلد.‏ بشرط أن تكون مأمونة، والأصل حملها على الأمانة حتى يظهر خلافها.‏

واختلف في المدة التي تزور الزوجة فيها أبويها: فقال المالكية: يقضى لها في الجمعة مرة.‏ وإلى هذا ذهب جماعة من الحنفية، لكن قال ابن الهمام: (ينبغي أن يأذن لها في زيارتهما في ‏الحين بعد الحين على قدر متعارف، أما في كل جمعة فهو بعيد، فإنه في كثرة الخروج فتح ‏باب الفتنة، خصوصاً إذا كانت شابة والزوج من ذوي الهيئات) انتهى.‏

والحاصل أنه ليس للزوج أن يمنع زوجته من زيارة والديها مطلقاً في قول جماعة من أهل ‏العلم إلا أن يكون في ذهابها إليهما ضرر ومفسدة.‏

وعلى الزوج أن يعلم أن في سعادة زوجته واطمئنان بالها وخاطرها على والديها سعادة له ‏ولأبنائه، وأنه ينبغي له أن يعين زوجته على الطاعة، ومنها: برها بوالديها، والقيام على ‏رعايتهما عند الحاجة.‏

وفي زيارة الزوج والزوجة وأبنائهما لهؤلاء الأرحام تقوية للأواصر، ودعم للألفة والمحبة، ‏وتنشئة للأبناء على البر والإحسان، وغير ذلك من الفوائد التي يُحْرَم منها الزوج وأبناؤه ‏بسبب القطيعة.‏

والله أعلم.‏

www.islamweb.net