تعليق الطلاق بغير قصد إيقاعه

27-6-2006 | إسلام ويب

السؤال:
الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين بشريعة حكيمة محكمة محققة لمصالح الأنام في المعاش والمعاد، وبين ذلك بالأدلة الجزئية و الكلية، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين وبعد :شيخنا الجليل . أفتونا مأجورين – جزاكم الله خيرا – عن نازلة وقعت يوم الجمعة وقت الخطبة، دخلت إلى الحمام قبيل الأذان من أجل الاغتسال لصلاة الجمعة، وكنت في حالة غضب مع زوجتي، ثم فتحتُ باب الحمام فقسوت عليها بالكلام. ومن غيظها لم تتحمل فأغلقت علي باب الحمام من الخارج، فقلت في نفسي أنها ستفتح بعدما أنتهي من الاستحمام ، وعندما انتهيت من الاغتسال متأخرا كان الأذان قد أذن وبدأت الخطبة ، أردت فتح الباب فلم تفتح علي ، فشتمتها بغيظ حتى تفتح عني الباب، فلم تفتح فأردت أن أزجرها قصد أن تفتح الباب، فقلت لها :"والله إن لم تفتحي الباب بعد العد إلى العشرة فأنت طالق طالق طالق ، الطلاق الثلاث". أَعْلَمُ أن هذا الطلاق محرم لأنه في طهر قد جامعتها فيه ! ولم يستبن حملها – وإني أستغفر الله تعالى من هذا الفعل في هذه الساعة – ، ولم أكن قد قصدت وقوعه، لأنني وإن كنت أغضب أحيانا فإني أحبها ولم أجد من الكلمات أمامي إلا هذه الكلمة ، ولست أدري كيف خرجت مني هذه الكلمة، إلا أنها عندما خرجت عقلتها. إنما كان القصد وَاللهِ – وإن كان اللفظ صريحا- هو زجرها حتى تفتح الباب لأنني كنت أظن ظنا أكيدا أنها ستفتح الباب بعد هذه الكلمة، إلا أنها لم تفتح الباب إلا بعد الانتهاء من العد إلى العشرة وما أنهيت العد إلا غضبا، وكان القصد من العد هو حضوري لصلاة الجمعة . وذكرت لي فيما بعد أنها لم تكن تنوي منعي من صلاة الجمعة وقد كانت تقصد فتح الباب ريثما يهدأ غضبها وفي الوقت الذي يسعني فيه الذهاب للجمعة. وإن لنا بنتا.أفتونا جزاكم الله خيرا: هل الطلاق لازم أو غير لازم ؟ وإذا كان طلاقا لازما فهل يعد طلقة واحدة أو ثلاثا؟ .للتذكير والإشارة شيخنا الفاضل – وأعتذر - :1) وقع هذا اللفظ في وقت طهر قد جامعتها فيه ولم يستبن حملها .2) لم أقصد إيقاع الطلاق أبدا، وإنما قصدت الزجر وأن تفتح الباب، خاصة وأني أحبها .3) القصد من العد إلى العشرة هو أن أحضر لصلاة الجمعة، وقد حضرتها .4) في هذه السنين كنت قد تلفظت بهذه الكلمة مرة واحدة أثناء الحيض. فهاتان هما الحالتان اللتان ذكرت فيهما هذه الكلمة إلا أن الثانية كانت بلفظ الكلمة ثلاث مرات دفعة واحدة.5) عندما نطقت الكلمة لم أستحضر غيرها لأزجرها به.6) لنا بنت عمرها سنتان ونصف .7) غالب حالنا أننا سعداء بيننا ويحب بعضنا بعضا .وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنا أولا نقول للسائل إن الحلف بالطلاق مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت. متفق عليه ، وفي سنن الترمذي وأبي داود ومسند الإمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهماعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف بغير الله فقد كفرأو أشرك، فهذان الحديثان وما جاء في معناهما يدلان على أن الحلف بالطلاق لا يجوز، وتعليق الطلاق هو في معنى الحلف به. أضف إلى ذلك أنه يعرض العصمة إلى الخطر ويجعلها على مسافة الانهيار إن لم ينهها تماما، لذلك ينبغي للزوج أن يتغلب على ما يعتريه من الغضب على زوجته بالحكمة والرفق، ولا يلجأ إلى هذه الأيمان وهذه التعليقات التي لا تزيد المشكلة إلا إشكالا وتعقيدا. 

ثانيا : الذي عليه الجمهور من أهل العلم هو أن من علق طلاق زوجته على فعل أمر ما أو تركه، ثم وقع ما علق الطلاق عليه أنه تطلق زوجته سواء كان يقصد الطلاق أو التهديد أو غير ذلك، ويرى بعض أهل العلم مثل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ومن يرى رأيه في هذه المسألة أنه إذا لم يقصد الطلاق فلا تلزمه إلإ كفارة يمين، لأن تعليق الطلاق بقصد الحث أو المنع أو التهديد هو بمثابة اليمين، ولا يلزم منه حالة الحنث إلا ما يلزم الحانث في اليمين، وتراجع الفتوى رقم:17824  .

ثالثا : وقوع طلاق الثلاث في المجلس الواحد ثلاثا أو وقوع الطلاق في حالة الحيض هو مذهب الجمهور أيضا، ويخالف شيخ الإسلام فيرى أن الثلاث في المجلس الواحد كطلقة واحدة وأن الطلاق في الحيض لا يقع، وتراجع الفتوى رقم:8507  والفتوى رقم:3680 .

رابعا: بما أن اليمين على نية الحالف في كثير من الحالات ومنها حالة السائل فنقول له إذا كان قصده من التعليق هو أن تفتح عنه زوجته في وقت يتمكن فيه من حضور صلاة الجماعة لا تعليق الحكم على مجرد انتهاء العدد إلى عشرة، ثم فتحت في وقت تمكن فيه مما يريد فالظاهر والله أعلم أنه لا تطلق عليه زوجته لأنه لم يحنث، لأن نية الحالف تخصص لفظه العام، وتقيد لفظه المطلق، وتراجع للمزيد الفتوى رقم:32580 .

والله أعلم. 

www.islamweb.net