الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمقامات في الإسلام ثلاثة هي: مقام الإسلام ومقام الإيمان ومقام الإحسان، وهذه المقامات هي التي وردت في حديث جبريل المخرج في الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال يا محمد: أخبرني عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً، قال: صدقت. قال: فعجبنا له، يسأل ويصدقه، قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: صدقت، قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك... الحديث.
وقد أورد بعض أهل العلم أمثلة على هذه المقامات، يقول ابن القيم في شرح منازل السائرين: الرضا بالقضاء الديني الشرعي واجب وهو أساس الإسلام وقاعدة الإيمان، فيجب على العبد أن يكون راضياً به بلا حرج ولا منازعة ولا معارضة ولا اعتراض. قال الله تعالى: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا. فأقسم سبحانه أنهم لا يؤمنون حتى يحكموا رسوله، ويرتفع الحرج من نفوسهم من حكمه، ويسلموا لحكمه، وهذا حقيقة الرضا بحكمه، فالتحكيم في مقام الإسلام وانتفاء الحرج في مقام الإيمان، والتسليم في مقام الإحسان.
وليس من شك في أن الصحابة -رضي الله عنهم- هم أفضل الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم وبالتالي فهم أشد الناس تمسكاً بالدين وأحرص الناس على التحلي بكل ما من شأنه أن يقرب إلى الله والبعد عن كل ما من شأنه أن يبعد عن الله.
والله أعلم.