الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 488 ] وممن توفي فيها من الأعيان

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الصاحب زين الدين يعقوب بن عبد الرفيع بن زيد بن مالك المصري المعروف بابن الزبيري

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كان فاضلا رئيسا ، وزر للملك المظفر قطز ثم للظاهر بيبرس في أول دولته ، ثم عزله وولى بهاء الدين بن الحنا ، فلزم منزله حتى أدركته منيته في الرابع عشر من ربيع الآخر من هذه السنة ، وله نظم جيد .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ موفق الدين أحمد بن القاسم بن خليفة الخزرجي الطبيب المعروف بابن أبي أصيبعة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      له " تاريخ الأطباء " في عشر مجلدات لطاف وهو وقف بمشهد ابن عروة بالأموي ، توفي بصرخد ، وقد جاوز السبعين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ زين الدين أحمد بن عبد الدائم بن نعمة بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أحمد بن بكير ، أبو العباس المقدسي النابلسي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      تفرد بالرواية عن جماعة من المشايخ ، ولد سنة خمس وسبعين وخمسمائة ، وقد سمع ورحل إلى بلدان شتى ، وكان فاضلا يكتب سريعا ، حكى الشيخ علم الدين أنه كتب " مختصر الخرقي " في ليلة واحدة ، وخطه حسن قوي حلو ، وقد كتب " تاريخ ابن عساكر " مرتين ، واختصره لنفسه أيضا ، وأضر في آخر عمره أربع سنين ، [ ص: 489 ] وله شعر أورد منه قطب الدين في " تذييله " ، توفي بسفح قاسيون ، وبه دفن في بكرة الثلاثاء عاشر رجب ، وقد جاوز التسعين ، رحمه الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      القاضي محيي الدين بن الزكي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أبو الفضل يحيى بن قاضي القضاة محيي الدين أبي المعالي
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      محمد بن علي بن محمد بن يحيى بن علي بن عبد العزيز بن علي بن الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن القاسم بن الوليد بن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان بن عفان القرشي الأموي ابن الزكي تولى قضاء دمشق غير مرة ، وكذلك آباؤه من قبله ، كل قد وليها ، وقد سمع الحديث من حنبل وابن طبرزد والكندي وابن الحرستاني وجماعة ، وحدث ودرس في مدارس كثيرة ، وقد ولي قضاء الشام في الدولة الهلاوونية ، فلم يحمد على ما ذكره أبو شامة ، توفي بمصر في الرابع عشر من رجب ، ودفن بالمقطم ، وقد جاوز السبعين . وله شعر جيد قوي ، وحكى الشيخ قطب الدين في ذيله - بعدما نسبه كما ذكرنا - عن ولده القاضي بهاء الدين أنه كان يذهب إلى تفضيل علي على عثمان موافقة لشيخه محيي الدين بن عربي [ ص: 490 ] ولمنام رآه بجامع دمشق معرضا عنه بسبب ما كان من بني أمية إليه في أيام صفين ، فأصبح فنظم في ذلك قصيدة يذكر فيها ميله إلى علي ، وإن كان هو أمويا :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أدين بما دان الوصي ولا أرى سواه وإن كانت أمية محتدي     ولو شهدت صفين خيلي لأعذرت
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وساء بني حرب هنالك مشهدي     لكنت أسن البيض عنهم مواضيا
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وأروي أرماحي ولما تقصد     وأجلبها خيلا ورجلا عليهم
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وأمنعهم نيل الخلافة باليد

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ومن شعره :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قالوا ما في جلق نزهة     تسليك عمن أنت به مغرى
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      يا عاذلي دونك في لحظه     سهما وقد عارضه سطرا

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الصاحب فخر الدين محمد بن الصاحب بهاء الدين علي بن محمد بن سليم بن الحنا المصري

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كان وزير الصحبة ، وقد كان فاضلا ، بنى رباطا بالقرافة الكبرى ، ودرس بمدرسة والده بمصر ، وبالشافعي بعد ابن بنت الأعز ، [ ص: 491 ] توفي في شعبان ودفن بسفح المقطم ، وفوض السلطان وزارة الصحبة إلى ولده تاج الدين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ أبو نصر بن أبي الحسن بن الخراز الصوفي البغدادي الشاعر

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      له ديوان حسن ، وكان جميل المعاشرة ، حسن المذاكرة ، دخل عليه بعض أصحابه ، فلم يقم له ، وأنشده قوله :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      نهض القلب حين أقبلت إجلالا     لما فيه من صحيح الوداد
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ونهوض القلوب بالود أولى     من نهوض الأجساد للأجساد



                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية