الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القلق والاكتئاب والخوف... وكيفية التخلص من هذه المعاناة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أشكركم جدا على هذا الموقع الرائع، وعلى ما تقدمونه من خدمات، وأسأل الله أن يبارك لكم ويزيدكم من فضله.

لقد كنت أعاني من الاكتئاب والاضطراب المزاجي الذي حدث معي نتيجة ما تعرضت له من مواقف صعبة في الحياة، وبالذات الجوانب العاطفية، وفقدان للحب من حولي، والعيش في وحدة؛ حيث بعد أن كنت في نجاح وعطاء كبير ودافعية وهمة عالية حققت فيها الكثير من الإبداع والتميز والعطاء وجدت نفسي أعيش محاصرة بالاكتئاب والحزن وسيطرة الألم، والتفكير السلبي، وأكثر ما كان يؤلمي كثرة القلق والخوف والرجفة العصبية التي تحدث في وجهي ورأسي عندما أتحدث مع الناس أو أشرب أمامهم كأسا من الشاي أو القهوة وكانوا ينظرون إلي، فبعد أن كنت أتمتع بشخصية قوية نوعا ما أصبت بهذه الحالة التي جعلت الناس ينتبهون لحالتي ويسخرون أو يشفقون عليها، وما عدت أتمتع بالثقة التي كنت أتمتع بها ولا الدافعية القوية التي كنت أملكها.

ورغم ذلك كنت أعي ما أعانيه، وحاولت كثيرا أن أساعد نفسي، ودائما كنت أمارس كل الوسائل التي تعينني على الخروج من تلك الحالة، وخاصة الجانب الديني، والتقرب إلى الله، وكثرة السجود، والدعاء، والاسترخاء، والرياضة، والتخيل الإيجابي، وكل الوسائل التي تساعد على التخلص من ذلك، ولكني لم أفلح كثيراً، فاضطررت إلى التوجه للبحث عن دواء فعال ليعالج هذه الحالة، فبحثت على الإنترنت عن أدوية لعلاج الاكتئاب فهداني الله إلى موقعكم المبارك، وبدأت أقرأ كل ما كتب، والحالات المعروضة عن الاكتئاب فوجدت الكثير من الحالات تتشابه مع حالتي، وقد نصحتم بتناول دواء البروزاك، فقمت بتناوله لمدة شهرين، وقد تحسنت كثيرا عليه؛ حيث قل التوتر والخوف والقلق، ولكني الآن أصبحت أعاني من قلة النوم؛ مما أثر على عينيّ ووجهي، ولكني لا أعاني الإرهاق أو الحاجة للنوم، فهل هذا طبيعي بعد تناول دواء البروزاك؟ وهل سيستمر معي طويلا؟

فرغم أنني سعيدة -والحمد لله- بأن قل عندي ما كنت أعاني، إلا أنني أخاف أن أعود إلى ما كنت عليه وأنتكس من جديد، فماذا أفعل كي لا أعود للانتكاس والاكتئاب من جديد؟ وهل أستمر في شرب البروزاك لفترة أطول من شهرين؟

وخاصة أنني أعاني من اضطراب مزاجي قبل الدورة الشهرية، وكنت أصاب بالأكتئاب عند الحمل ولا ينجح الحمل ويموت في الرحم، وحدث ذلك معي خمس مرات، والآن أنا مطلقة ولم أنجب.

أنا أرى نفسي إنسانة ناجحة جدا ومتميزة، ولدي إبداع، ودائما أترك الأثر في الناس من حولي، وإعجابهم بشخصيتي، ولكني لا أدري ما حدث لي بعد أن تعرضت لضغوطات كثيرة ووصلت لحالة الاكتئاب والخوف والقلق، والآن قلة الدافعية على الإنجاز والهمة العالية، رغم أن والدي كان يعاني من الفصام والمرض النفسي الشديد منذ طفولتنا، وإخوتي كلهم يملكون الإبداع والتميز، وكانوا من أوائل الطلبة في مدارسهم، ولكني كنت لا أحصل مثلهم تلك العلامات رغم معرفتي وقدرة الإبداع والاستيعاب والذكاء لدي، ولكن الخوف كان يسيطر علي فحرمني من ذلك التحصيل، ولكني أبدعت في حياتي العملية كثيرا، رغم المخاوف الدائمة.

أرجو منكم أن ترشدوني إلى كيفية تحصين نفسي من الاكتئاب وعدم الإصابة بالمرض النفسي أو الفصام، وهل أستمر في شرب البروزاك فأنا قد أوقفته وشربته لمدة شهرين فقط، ولكني أعاني من قلة النوم، ومن بعض القلق والخوف أحيانا.

وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آمال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن حالة الاكتئاب التي تعانين منها من الواضح أنها استجابت استجابة فاعلة جدًّا لعقار بروزاك، والذي استوقفني هو أن النوم قد قلَّ لديك، وفي ذات الوقت لا تحسين بحاجة إلى النوم.

هذا العرض كما ذكرت لك استوقفني، والذي جعلني أتخوف قليلاً هو أنه ربما يكون لديك في الأصل ما يعرف بالاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، بمعنى أنه لديك قطب اكتئابي، وفي ذات الوقت لديك قطب انشراحي، القطبان ليس من الضروري أن يكونا على نفس المستوى أو بنفس الشدة، فقد تكون فترة الاكتئاب أطول وفترة الانشراح أقصر مثلاً.

فخوفًا من أن تدخلي في قطب انشراحي إذا كانت حالتك بالفعل هي ما يسمى بالاضطراب الوجداني ثنائي القطبية فهنا يجب التعامل مع البروزاك بحذر وحذر شديد، لأن الأدوية المضادة للاكتئاب وعلى رأسها البروزاك قد تدفع الإنسان إذا كان تشخيصه اضطرابا وجدانيا ثنائي القطبية، الدواء سوف يدفعه نحو القطب الانشراحي.

الذي أود أن أقترحه هو أن تتناولي البروزاك كبسولة واحدة يومًا بعد يوم، تتناوليها في الصباح، وتراقبي نفسك، إذا استمرت الأمور جيدة وموضوع النوم وعدم النوم إن لم يكن مزعجًا ولم تحسي بنشاط زائد، فهنا أقول لك أن الاستمرار على البروزاك بهذه الطريقة –أي يومًا بعد يوم لمدة ثلاثة أشهر– سوف يكون كافيًا جدًّا كعلاج لهذه المرحلة.

أما إذا حدث الانشراح بالرغم من تناول الجرعة الصغيرة من البروزاك فهنا أعتقد أن البروزاك يجب التوقف عنه مباشرة، وفي هذه الحالة أفضل أن تذهبي وتقابلي طبيبا نفسيا ليقيّم حالتك، وغالبًا تحتاج الحالة إلى ما يعرف بمثبتات المزاج، وهي أدوية معروفة تستعمل في الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية.

أرجو ألا يكون ما ذكرته لك من معلومات مزعجًا، فهي حقائق علمية لابد أن ندركها ولابد أن نكون على بصيرة متسعة لنضع جميع الاحتمالات.

ألخص الحالة في أنه ربما لديك فعلاً اكتئاب آحاد القطبية أو ربما يكون لديك اكتئاب ثنائي القطبية.

آحاد القطبية: مضادات الاكتئاب هي خط العلاج الأول، أما ثنائي القطبية فهنا الأدوية التي تثبت المزاج هي خط العلاج الأساسي، وفي بعض الحالات تكون هناك حاجة لمضادات الاكتئاب، وفي بعض الحالات تكون مضادات الاكتئاب مضرة، بمعنى أنها سوف تؤدي إلى انشراح زائد وربما هوس، وهذه الأمور الفنية معروفة لدى الأطباء المختصين.

أنا لا أريدك أبدًا أن تقلقي، فأنت الآن الحمد لله تعالى في وضع جيد، طبقي ما ذكرته لك من إرشاد فيما يخص عقار البروزاك، حاولي أن تغيري من نمط حياتك، أنت حريصة جدًّا على التفكير الإيجابي وعلى ممارسة الرياضة والاسترخاء والحرص على الدعاء، هذه كلها حقيقة طرق علاجية ممتازة جدًّا وتغيير نمط الحياة كما نقول دائمًا هو من أفضل الوسائل التي يمكن للإنسان أن يستثمر من خلالها وقته، ويتخلص من أعراض الاكتئاب.

بالنسبة للتاريخ المرضي في الأسرة: أنا لا أعلم إلى أي مدى التشخيصات التي ذكرتها مؤكدة أن الوالد كان يعاني من الفصام، وهذا حقيقة أمر يحتاج إلى شيء من الاستقصاء، وعمومًا إذا كان الوالد يعاني من مرض الفصام فلا ننكر الدور الوراثي، لكن هذا الدور ضعيف وضعيف جدًّا.

بالنسبة للذرية: أحد طرق مقاومة الأمراض هذه هو التزود بالمعرفة، تطوير المهارات الاجتماعية والوظائفية والمعرفية والأكاديمية، وفي نفس الوقت تجنب الضغوطات الحياتية بقدر المستطاع.

إذن لا تعيشي تحت الخوف وتهديده حول المستقبل، المستقبل إن شاء الله تعالى مُشرق، خذي الحياة بقوة، وعيشي المستقبل بأمل ورجاء.

وانظري منهج السنة النبوية لعلاج الأمراض النفسية: ( 272641 - 265121 - 267206 - 265003 )

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • تونس حنان

    كنت مصابة بالاكتئاب و الان الحمد لله بفضل الرقية الشرعية بعد ان اتضح اني اعاني من السحر الذي يتسبب في الاكتئاب شفيت انصح بالتكثير من ذكر الله وقراءة كل الاذكار الصباح و المساء

  • السعودية أبوخالد العسيري

    قال تعالى (( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ))
    وقال جل وعلا (( إن يمسسك الله بضر فلا كاش له إلا هو ...))


    الأمراض النفسية عموما علاجها الفعال هو في :
    قيام الليل
    كثرة الدعاء
    كثرة الاستغفار
    كثرة قراءة القراءن
    المحافظة على الصلوات في اوقاتها وأدائها بخشوع وتذلل ومحبة لله جل وعلا



    قال الله في الحديث القدسي (( ما من عبد اعتصم بي فكادت له السموات والارض إلا جعلت له من بينها فرجا ومخرجا ))...





    اسأل الله العلي العظيم الذي بيده كل شي ان يشفيك ويعافيك ويشفي كل مريض ..

  • السودان محمد خلف الله

    شكرآ

  • الجزائر douda

    انا اعاني من الاكتئاب و القلق و الخوف في كل الوقت الذي حدث معي نتيجة هذا مواقف صهبة في و كانني انا وحيد ة و في ه=ا الوقت لا انام

  • خت إشراقة

    شكرا على المعلومات القيمة

  • أمريكا محمود عبداللطيف

    معلمات قيمه ربنا يبارك فيكم وللامام دائما

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً