الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحاول التقرب من ربي بطاعته، ولكني أعود للمعاصي، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحمد الله أن دلّني عليكم، أنا فتاة في 15 من عمري، التزمت قبل سنه ولله الحمد، كنت جيدة في بداية التزامي كنت أحب الله كثيراً وكان قلبي رقيق، ولكن قلبي الآن أراه قاسي جدا،ً واني أصبحت أسوأ من ذي قبل.

بدأ رمضان اعتقدت أني فيه سأعود إلى ماكنتُ عليه ويرق قلبي فيه، ولكن للأسف رمضان كسائر الأيام الماضية لا أشعر فيه بتحسّن ورقه قلب ربما قليلاً جداً، شيء لا يذكر، أنا حقاً أحاول التقرب من ربي بطاعته دوماً وأقوم الليل قدر استطاعتي وفي كل ليله أتوب إلى الله وأعاهده على أني لن أعود إلى المعاصي وسوف أحسن من أخلاقي وهكذا، أصلي الفجر وأنام ثمّ أستيقظ في اليوم الثاني وأعود مثلما كنت عليه كأنني لم أعاهد الله، لا أعلم ماذا أفعل كي أتغير، دعوت الله كثيراً أن يغيرني ويهديني ولكنني لم أتغير أبدا. هذه مشكلتي الأولى.

وأما الثانية أنني اكتشفت أني أعاني من مرض العُجب، لا أعلم إن كنتُ أعاني منه حقاً أم لا، ولكنني خائفة جداً أن يخالط عملي عجب ثم آتي يوم القيامة ويحبط كل عملي ولا ازِنُ عند الله شيئاً ثم القى في النار، أنا أعلم حقاً أن الله هو حقاً الموفق لكل خير ولولاه لضللتُ ولما استطعتُ عمل أي شيء من الطاعات، ولكنني أحيانا إذا أطعت الله أفرح بعملي واٌعجب به، أنا أحاول أن أتغير في رمضان وأسعى للهداية وأدعو الله أن يهديني حتى أنني لا أنام لكي أدعو الله وأسهر الليل كله لعل الله يهديني ويغيرني، لكن نفسي السيئة أصبحت تقول لي: إذا كان عملك كلّه سيحبط بسبب العجب الذي في قلبك لماذا تطيعين الله كثيراً وتحاولين؟

أرجوكم ساعدوني لأن العُجب الذي في قلبي سيضيع لي دنياي وآخرتي، أصبحت خائفة جداً، آسفة إن أطلتُ الحديث وربّما لم أعرف كيف أعبر بما في داخل قلبي ولكن ليس لي سوى الله ثم أنتم، وفقكم الله!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أنهار حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك أختنا الفاضلة في موقعك إسلام ويب، وإنه ليسرنا تواصلك مع الموقع ونسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يهديك إلى الطريق المستقيم.

أختنا الفاضلة لقد ذكرت مشكلتان لك في سؤالك الأول: كيفية التغيير.
والثاني: مسألة العجب.

وقبل أن نجاوبك نحن نؤكد لك على معنى نرجو أن يكون حاضرا لا يغيب عندك: وهو أن معركة الحق مع الباطل، ومعركة الخير مع الشر، ومعركتك مع الشيطان والنفس لا تحسم بقيام ليلة ولا ليلتين، بل هي ممتدة حتى نلقى الله ونحن على العهد، فمن الوراد أن يزل المرء أو يخطئ أو يقع في المعصية لكن المؤمن يتميز بأمرين:

1- سرعة العودة إلى الله عز وجل والأوبة إليه، وكثرة ذكره مع الاستغفار قال تعالى في صفات المتقين: " والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم".

2- البحث عن الأسباب التي أدت إلى الوقوع في المعصية مع التنقيب عن طرق العلاج.

ومن هنا ننطلق إلى التغيير؛ لأن التغيير عملة تحتاج إلى عمل دؤوب وجهد متواصل وذلك أن ثمنها الجنة رزقنا الله وإياك رضا الرحمن والنعيم في الجنان.

لذا عليك أختنا الفاضلة في طريق التغيير اتباع الخطوات الآتية:

1- تحديد نقاط الضعف بدقة: لا يسلم مسلم من نقاط ضعف ينفذ الشيطان منها إليه وتحديدها بدقة يعد المرحلة الأولى لقضية التغيير.

2- معرفة الأسباب التي تؤدي إلى الضعف والمعينات على ذلك وأضرب مثلاً حتى يتبين المراد:

نفترض أن المشكلة هي متابعة الأفلام والمسلسلات التي لا ترضى الله هذه إذن المشكلة، ونقطة الضعف المرصودة، يبقى السؤال الثاني: ما هي الأسباب الدافعة إلى ذلك؟ مثلاً قد يكون الفراغ، أو قد يكون وجود الجهاز في غرفتك الخاصة التي لا يطلع عليها الكثير، أو غير ذلك من الأسباب، وتحديد السبب يسهل عليك التخلص منه، أو التقليل من آثاره شيئاً فشيئاً.

3- تقوية الوازع الديني وكثرة التعبد، وشغل الوقت بذكر الله، فإن الإيمان كلما علا كلما طرد المعصية من القلب، والذكر يطرد حبائل الشيطان، والذاكر في أمان الله بذكره.

4- الصحبة الصالحة من أكثر المعينات على طرق الجادة، فقد جاء في الحديث الذي أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وحسنه الألباني عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «عليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية». أي التي تعمل وحدها وليست في جماعة يعضد بعضها بعضا.

5- كثرة الدعاء لله عز وجل؛ فهو سهم الليل الصائب، يطلقه الراكعون الساجدون لله في السحر، وهو حبل ممدود بين السماء والأرض يعرفه حق المعرفة المؤمنون الخاشعون، هو الربح للمخلصين بلا ثمن، وهو المغنم للقانتين بلا عناء. قال تعالى: [وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ]، وقال صلى الله عليه وسلم: (الدعاء هو العبادة)وخزائن الله ملآى يده سحاء تنفق الليل والنهار، وملكه لا ينقص، جاء في الحديث القدسي: (يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر).

وأما مسألة العجب فأعلمي بارك الله فيك أن ذلك أحد أسلحة الشيطان التي يحارب بها عباد الله إذا قامت عبوديتهم لله عز وجل، وعليك أن لا تلتفتي لذلك، وألا تتركي ما أنت عليه من عبادة، فقد قال الإمام الذهبي: العمل لأجل الناس رياء وترك العمل لأجل الناس شرك " فعليك أن تجتهدي في طاعتك لكن نوصيك أيتها الفاضلة بالقراءة حول أحوال العباد وكيف كانوا يقومون الليل ويصومون النهار ويستصغرون ما عملوا، وعلى هذا الموقع كثير من القصص الثابنة التي تجعل المرء يستصغر نفسه أمام هؤلاء القمم العظام .

وفي الختام نسأل الله أن يوفقك لكل خير وأن يرزقك الإخلاص في القول والعمل، ونحن سعداء بتواصلك والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً