الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أكون قريبة من الله ومن الناس أيضا؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة في 22 من عمري، أعاني كثيرا من الوحدة، فليس لدي إخوة أو أخوات، ووالدي ووالدتي مطلقان قبل ولادتي، وليس لي علاقة بوالدي إطلاقا، وكذلك ليس لدي أصدقاء، رغم أني كنت في الجامعة وتخرجت هذا العام، وكنت أحاول أن أكون صداقات لكنها كانت تفشل، رغم أن علاقاتي بزملائي جيدة.

أنا أعاملهم باحترام وأخلاق، وهما بالعكس حتى أصدقائي من الطفولة تغيروا كثيرا عندما دخلوا الجامعة، وأصبحوا يقولون عني أنني معقدة، لأنني لا أقبل أن تكون لي علاقات مع الشباب، ولأنني أرتدي ملابس واسعة، حتى أنني كنت أتمنى أن أنتهي من الدراسة، لأنني كنت دائما أجلس بمفردي في الجامعة.

بدأت ألاحظ أني أعاني من الرهاب الاجتماعي، فأصبحت أميل للعزلة, ولم أعد أريد أن أخرج من منزلي، وأصبحت أتهته وأتلجلج في الكلام، وأخجل كثيرا عندما أتكلم مع أحد, حتى إن بعض زملائي كانوا يسخرون مني.

والآن أشعر أنني ابتعدت عن الله، فلا أصلي الصلوات في وقتها، وأتقاعس عن قراءة القرآن، ودائما أدعو الله أن يرزقني صحبة صالحة, وزوجا صالحا, وعملا جيدا، لكن العكس كان يحدث، فكلما تعرفت على صديقة وجدتها سيئة الخلق وعلى علاقة بشباب، وتريدني أن أكون مثلها، فكنت أبتعد وأفضل أن أكون بمفردي على أن أغضب الله، ورغم ذلك كنت أجدها أحسن مني حالا.

فكثير من هؤلاء الفتيات تزوجن وأصبح لديهم عمل وعائلة، وأنا دائما بفردي لا يحبني أحد, وليس لدى عائلة, أو أصدقاء, أو عمل، ولا أجد فرصة للخروج والسفر، حتى في الإجازات مثل البقية، لأني وأمي نعيش بمفردنا وتحركاتنا محدودة، فأصبحت أشعر بالاكتئاب، وأصبحت عصبية كثيرا أكثر من قبل، فأنا طول عمري عصبية جدا, والآن أصبحت عندما أغضب أكسر ما حولي من أشياء.

وأشعر أنه ليس لدي حظ جيد مع الناس، حتى قبل أن أتعامل مع أحد، وأشعر أن هذا الشخص لن يحبني، وسوف يعاملني بطريقة سيئة.

أنا الآن أشعر أنني ابتعدت عن الله كثيرا، حتى أصبحت أخشى أن أدعوه، لأن كل ما أتمناه وأدعوه يحدث عكسه، ولم أعد أصلى جيدا، وأصبحت تفوتني بعض الصلوات، لأنني أنام أغلب اليوم، فليس لدي ما أفعله، وأريد أن يكون لدي أصدقاء فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريتاج حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنا أقدر ظروفك الأسرية تمامًا، فالطلاق بين الوالدين له تبعات سلبية بعض الشيء على الأبناء، لكن -الحمد لله تعالى- في حالتك أنت أكملت دراستك الجامعية، ولديك الآن النضوج النفسي والعلمي التام الذي يجعلك تشقين طريقك في الحياة بكل ثبات وتوفيق -إن شاء الله تعالى-.

في موضوع العلاقات الاجتماعية: أرجو ألا تحقري نفسك، لا تحقري ذاتك، أنت لست بأقل من الآخرين أبدًا، أنت تحتاجين لشيء من تأكيد الذات، فأنت -الحمد لله تعالى- أنجزت وتعلمت، كما قلت لك: أدركت الآن الحياة، فلا تفكري حول نفسك سلبيًا.

موضوع العلاقات مع الشباب: هذه بالطبع مرفوضة أصلاً، ولا فائدة فيها بالنسبة لك، والفتاة المحترمة هي التي تحذر الحذر التام من هذه العلاقات، ولا بد للأمور أن تكون في النطاق الشرعي، الفتاة الرزينة الخلوقة الكريمة المصلية العفيفة هي التي يبحث عنها الرجال ليتخذوها زوجة.

فيا أيتها الكريمة الفاضلة: الذين يصفونك بأنك معقدة أعتقد أن كلامهم باطل، كلامهم غير صحيح، أنت على حق، أنت ابتعادك عن الشباب ولباسك الجيد المحتشم هذا تاج في رأسك، لا تستمعي ولا تنصتي لهذه الأقاويل المضللة والمنحرفة.

نصيحتي لك أيضًا هي أن تكوني قريبة من والدتك، فرضى الوالدين أمر مُهم، وحتى والدك حوالي أن تتواصلي معه، خذي أنت مبادرات إيجابية في هذا السياق، وهذا نوع من البر، وهذا -إن شاء الله تعالى- يفتح لك آفاقا عظيمة جدًّا، وأنا متأكد أن والدتك لن ترفض تواصلك مع والدك، فهي والدتك وهو والدك، ولكل حقوق ولا شك في ذلك، وأنت مدركة تمامًا لذلك.

أنا أنصحك أيضًا بتغيير نمط الحياة، تحدثي مع والدتك، مثلاً اذهبي وانضمي لأحد تحفيظ القرآن، دعي والدتك تذهب معك أيضًا، مرة أو مرتين أو ثلاثة في الأسبوع، هنا بجانب حفظ القرآن وتعلمه وهذا -إن شاءَ الله تعالى- فيه خير وأجر عظيم, تتُاح لك الفرصة للتعرف على فتيات صالحات، ومن هنا يتم بناء علاقات اجتماعية ممتازة، علاقات تؤهلك -إن شاء الله تعالى- لمواجهة الصعوبات المستقبلية، هذا هو المطلوب منك.

ما تعانين منه من اكتئاب حقيقة هو ناتج من هذه العزلة ومن التفكير السلبي، لا، كوني إيجابية، كما ذكرت لك: تواصلي اجتماعيًا، الحياة -إن شاء الله تعالى- طيبة، لا تسمعي أبدًا لما يُقال أن الفتاة الجيدة هي التي تتواصل مع الشباب، هذا كلام خطأ وكلام غير صحيح، ولا نقره أبدًا.

أيتها الفاضلة الكريمة: احرصي على الصلاة في وقتها، فهي البوابة التي يدخل منها المسلم لكل عمل طيب وصالح، -وإن شاء الله- تعالى تفتح لك آفاقًا، لا تتركي مجالاً للشيطان أبدًا، وبشيء من الصبر, وبشيء من الإصرار والعزيمة, وأن تتواصلي مع المحيط الطيب السليم هذا -إن شاء الله تعالى- يساعدك كثيرًا في بناء علاقات وصدقات جيدة وممتازة جدًّا.

هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • فلسطين المحتلة سوسن

    جزاك اللة خيرا

  • البحرين عبدالله

    هذه الفتاة من الآلئ التي انقرضت تقريبا ، وعليها أن تؤمن بأن الدنيا دار ابتلاء ، وأن الله إذا أحب عبدا ابتلاه .
    ولكن هذا لا يمنعها من أن تبحث عن ما يسعدها في الدنيا دون أن يحزنها في الآخرة .
    لا تعتقدي يا أختي بأنك الوحيدة التي تلتزم بدينها ، أو تحاول أن تلتزم بدينها، لذلك أنصحكي أن تلتحقي بحلقات تحفيظ القرآن الكريم ففيها من السعادة الدنيوية والآخروية.

  • سوريا رامي

    انتي يا اختي فعلا من الآلئ ومن الجواهر والدرر
    النادره في هذه الحياه واتمنى ان تبقي كما انت فأنت ضعي بعين الاعتبار انك من اهل الجنه ومن ملكات الجمال الأخلاقي في هذه الحياه التي قلت فيها الأخلاق وكثر فيها الفتن ومواقع اثاره الشهوات .فأنت دره مصونه مكنونه عفيفه طاهره بأذن الله

  • ورد الياسمين

    شكرا جزيلا لك يا شيخنا حفظكي الله من كل سوء يارب بجد لتنفيذ من حضرت كتير حزاك الله كل الخير

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً