الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الرهاب الاجتماعي والعزلة، ما علاج ذلك؟

السؤال

السلام عليكم

أرجو علاجي، أنا أعاني من الرهاب الاجتماعي والعزلة والانطواء والخوف الاجتماعي، وطول اليوم لا أتكلم! والناس يجدوني مملاً، وكلهم تخلوا عني.

لا يوجد لدي أصدقاء ولا شيء، أنا وحيد أعاني من الوحدة طول حياتي، وأحس بالاكتئاب الشديد والألم في جسدي، أحس بعدم الرغبة في الحياة.

أبي كان يضربني ويعنفني وأنا صغير، وأسلوبه دمر حياتي، أنا لا أخالط الناس، ولا أطلع من البيت إلا نادراً، حبيس غرفتي! والناس يقولون إنها حالة نفسية.

المشكلة أني أعاني الخجل الشديد من الناس، وأخاف من الناس، ولا أملك الجرأة، وشخصيتي ضعيفة جداً، ومحطم وفاقد الثقة في نفسي نهائياً، ولا أقدر أن أطالع في وجه الذي يكلمني!

لي ثمان سنوات ما أسهر ما أطلع، الرهاب دمر حياتي، والخوف من الناس والمستقبل المظلم، فأنا حزين جداً، لا أضحك ولا أتكلم، وأعاني من القلق ودقات القلب السريعة، وطول حياتي صامت، وقد سمعت عن السيروكسات وللكن لا أدري ماذا أفعل؟!

أرجو علاجي من مرضي.

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مسعود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بما أنك كتبت لنا فهذا دليل قاطع - إن شاء الله تعالى – على أنك بالفعل تود أن تتغير وتود أن تعالج نفسك.

كنت أتمنى أن أعرف عمرك، لأن هذا مهم، لكن أحسب أنك فوق العشرين، وموضوع العمر مهم خاصة فيما يتعلق بتناول الأدوية.

الخطوات العلاجية التي يجب أن تتخذها:

أولاً: يجب أن تعيد تقييم حالتك، هنالك بعض الإخوة والأخوات الذين يعانون من بعض الأعراض والعلل النفسية تجدهم في حالة استسلام تام لها، وينتهجون دائمًا المنهج السلبي في الحياة، وتجدهم لا يأخذون أي مبادرات إيجابية من قِبلهم، هذه مشكلة أساسية، والإنسان إذا أُصيب بعلة ما لا يعني أن هذه العلة من الضروري أن تستمر أبدًا، لكن إذا سكتنا عليها ولم نقاومها ولم نتخذ التدابير المضادة قطعًا هنا نكون قد كافأنا هذه العلة مما يقويها ويجعلها تسيطر علينا أكثر، لكن إذا قيّمناها تقييمًا مخالفًا وكنا إيجابيين، قطعًا هذا يؤدي إلى تفكيك القلق والتوتر.

ثانيًا: أنت ذكرت أنك تعاني من الرهاب الاجتماعي والعزلة والانطواء والخوف، وأنا لا أريدك أن تعتبر هذه كلها مسميات تشخيصية مختلفة، لا، أنت تعاني فقط من قلق ذي طابع اجتماعي، وربما تكون شخصيتك تحمل بعض السمات الانطوائية، وعلتك علة واحدة وليست علة متشعبة.

ثالثًا: أن تقوم بوضع برامج يومية تطبقها، وهنا أنصحك وبشدة ألا تنجرف ولا تنقاد بأفكارك السلبية أو بمشاعرك، إنما تنقاد بأفعالك، مثلاً إذا حددنا مهمة واحدة، وهي أنك يجب أن تصلي صلاة الفجر في المسجد، هذه مهمة يمكن قياسها، يمكن الوصول إليها، ويمكن تحقيقها، إذن هي أصبحت هدفًا، له آليات، له طريق، وله نتائج.

جرب هذه الطريقة، طريقة تحديد الأهداف بمسمياتها، والإصرار على تنفيذها وإنجازها مهما كانت المشاعر سلبية ومهما كانت الأفكار محبطة.

هذه الطريقة معروفة تسمى طريقة (samrt) وهي طريقة أخرجت الكثير من الناس من انفعالاتهم السلبية، واستسلامهم لأعراضهم التي زادت من عللهم، والإنسان قطعًا حين يُنجز من خلال تنفيذ الأفعال والأعمال التي يُحددها بعد أن يحس بالإنجاز سوف تتغير وتتبدل مشاعرهم، هذه نقطة ضرورية، فأرجو أن تنتهج هذا المنهج.

النقطة الأخرى: هي أن تلزم نفسك ببرامج يومية للتواصل الاجتماعي، وابدأ بالتواصل الداخلي مع الأسرة، اجلس معهم، تناول معهم الطعام، شاركهم في بعض الأحاديث، وبعد ذلك الخطوة الأخرى: اسأل عن المناسبات التي تهم أرحامك، واذهب وشارك فيها، خصص أن تزور المرضى (مثلاً)، أن تزور الجيران، أن تبني صحبة من خلال ترددك على المسجد.

فيا أخي الكريم: الأمور تعالج بالتطبيقات، وهي تطبيقات بسيطة جدًّا، لكنها تتطلب الالتزام.

الخوف حين ينتهي سوف يزول الإحباط المصاحب له، وحتى موضوع الخجل والانعزال والانطوائية سوف ينتهي.

أنصحك أيضًا بأمر مهم جدًّا، وهو تنظيم الوقت، بأن تضع جداول يومية تدير من خلالها حياتك، ويجب أن يكون غذاؤك مرتبًا ومنظمًا، نومك منظمًا، ممارستك للرياضة منظمة، العبادات يجب أن تكون منظمة، فإذن الحياة كلها تقوم على هذه الآليات التنظيمية، وهي بسيطة ومتاحة للإنسان.

العلاج الدوائي لا شك أنه داعم جيد ومفيد جدًّا، وأنا (حقيقة) أؤيدك على تناول الزيروكسات بشرط ألا يكون عمرك أقل من عشرين عامًا، والجرعة المطلوبة أن تبدأ بنصف حبة (عشرة مليجرام) تتناولها يوميًا بعد الأكل لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها حبة واحدة يوميًا لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نفس الجرعة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وكل عام وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية ناديه

    مثلي بظبط أنا بعد نفس مشكللتك ابوي كان يظرربني ظرب حتا أاليهود م يسؤون زي كيذا وأمي زي كيذا بعد الين م فقدت الثقه بنفسي حتا درراستي م أشوف فيه هدف عشان أكملها لأني فقدت الثقه ب نفسي. وأحس أني فاشله وحياتي م أدري ليه عايشتهاا تعب وررب الكعبه حتا م أحب إشكي لأحد ودايم كتومه ، الله يفرج همي وهمك وهم كل من يعاني من هذا المرض

  • السعودية صالح

    السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ،،
    فعلآ مشكله الرهاب الاجتماعي خطيره انا اعاني منها منذ تقريبآ

  • السعودية أمة الله

    لكل من يعاني من هذا المرض اسأل الله لكم الشفاء
    وانصحكم ب الالتجاء الى الله اولاً .
    وان تبادر بالاختلاط بالمجتمع بأي مبادرة صغيرة حتى اذا ابتسامة بالبداية راح تحس بعد الراحه بس بعد مرور الوقت راح تتعود ، اذا بتكلم شخص طالع بعيونه ، لاتفكر اذا بغيت تتكلم فقط تكلم ، ويجب التنبيه على شيء مهم بعمره لا يكون تقربك لله لمجرد انه ابغى انشفي من هل المرض تقرب لله بالطاعات خالصة لوجهه الكريم وهذا مايمنع ابداً انه لانرجو الشفاء الا من الله الح على الله بالدعاء فإن الله لايرد عباده.

  • أوروبا جعفر احمد عبد العزيز

    السلام عليكم ورحمة الله
    جزاكم الله خيرا اخي الكريم اسأل الله لي ولك الشفاء فانا لدي مثل هذه الاعراض التي تعاني منها وزياده علي ذلك لدي نسيان شديد في المناسبات الاجتماعيه وخوف من المستقبل اسال الله لنا العون وبارك الله فيكم.

  • السعودية رسول المحبه

    السلام وعليكم يااخي الكريم لقد مررت بهذة المشكله منذ سنوات وصدقني أنها مجرد أفكار ومعتقدات اذا غيرتها سوف تتحسن حالتك استغل فترة الانطواء بالقراءة في أي مجال تحبه وتعلم الكمبيوتر وساهم في نشر المعلومات المفيدة ولاتظن أن الناس مشغولين بك
    فهي مجرد لحظات تقابلهم وكلن ينشغل بما يهمه وعمله إنطلق فالحياه جميله

  • اليمن الزهرة2

    سبحان الله نفس المشكلة نفس المشاعر نفس كل شيء وكأن الذي يتحدث هو أنا

  • المملكة المتحدة حسن محمد

    ربنا يشفيك إنشاء الله بس حاول خليك شخص إيجابي في حياتك و ايضا طريقة تفكيرك الايجابيه ليها دور كبير في الشفاء

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً