الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابن اختي يتيم ولكنه سيئ الأخلاق.. ما الطرق الحكيمة لتعديل سلوكه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

لدي في البيت ولد من أختي يتيم الأب, وهو سيئ الأخلاق, كثير الكذب والشتم والخداع, والأذية للأطفال والحيوانات, شديد الأنانية على الرغم من أنه لم يتعرض في أي مجال إلى تعلم هذه الصفات السيئة؛ لأنه في بيت في المدينة المنورة, وهم ذو أسرة مستقيمة -ولله الحمد-.

وبسبب أنه يتيم الأب, فإن أمه تقوم بمراضاة جميع أعماله, وتسمح له بتصرفات تخرج الإنسان عن طوره، وتسبب أذية لمن هو في البيت، ولا يكاد أحد يقوم بتربية هذا الطفل بسبب الخوف على الاعتداء على حقوقه, وخوفًا من الله بسبب أنه طفل يتيم.

مع العلم أنه تمت محاولة العديد من الطرق لمعالجة هذه الأخلاق السيئة ومنها: حرمانه مما يحب, حبسه في غرفة لمدة قليلة لتخويفه, منعه من اللعب مع الآخرين، ولم ينجح منها شيء.

وسؤالي هو: كيف أقوم بالتعامل مع هذا الطفل في حال اعتدائه على الآخرين؟ وفي حال الكذب والخداع, وفي حال الشتم لمن هو أكبر منه، بطريقة لا إثم فيها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا لك على التواصل معنا على هذا الموقع بهذا السؤال.

وكنت أتمنى لو ذكرت لنا عمر الطفل، فالجواب قد يختلف قليلاً بحسب العمر.

ومن قال أن اليتيم يجب أن لا نربيه ونعلمه كما نربي ونعلم غيره؟! بل أقول ولأنه يتيم فالمفروض أن نحسن تربيته أكثر من المعتاد؛ لأنه وبسبب يتمه فهو عرضة لبعض المشكلات السلوكية، وغيرها إن لم ننتبه.

هناك حالات خاصة من تربية الأطفال، واليتيم واحد منها، حيث لا بد من تقديم شيئين لهذا الطفل، ومن الضرر الكبير أن نقدم أمرًا واحدًا منهما ودون الثاني.

الأول، هو العطف والحنان، وهو الأمر الذي يبدو أنكم لا تقصرون معه فيه، ولكن الإنسان لا يطير بجناح واحد هو العاطفة والمشاعر والأحاسيس، فلا بد له من الأمر الثاني، وهو بمثابة الجناح الثاني، وهو تعليم الانضباط.

والانضباط أن نعلم الطفل شيئًا من النظام كوقت النوم، وطبيعة السلوك المقبول، وغير المقبول، وما هو متوقع منه،
السلوك هو الأمر الذي نتوقع منه الكثير، ولا نربي عليه إلا القليل!

ولتعليم الانضباط شرطان، وجود قواعد وضوابط داخل البيت والأسرة، والاستمرارية في التطبيق، فلا بد من بعض القواعد كوقت النوم، ووقت الوجبات الغذائية، ولا بد من التزام تطبيقها، وليس على حسب مزاج الطفل أو مزاج والديه...

ومن تعليم الانضباط أن يتعلم الطفل علم اليقين أن هناك سلوكيات في البيت غير مسموح بها أبدًا، كالعنف وإيذاء الآخرين، طبعًا غير مسموح للصغير بها، وكما هو غير مسموح به للكبير، وليس أنني أمنعه منه، ومن ثم أمارسه أنا الكبير!

عليك أخي الكريم أن تتحدث مع أختك، أم الطفل، أو تجعلها تقرأ هذا الجواب؛ لأنها في النهاية لا بد أن يصدر تعليم الانضباط هذا من قبل الكبار في الأسرة والذين لهم جوار في تربية الطفل وتوجيهه.

لا يمكن لشخص يبني والآخر يهدم، واحد حازم ومنضبط والآخر يسمح للطفل بما شاء، وكأن الطفل هو صاحب الكلمة النهائية في الموقف، إن الأطفال لم يخلقوا ليكونوا هم قادة الموقف، وإنما هي مسؤولة الكبار، فكيف نعلم الانضباط والسلوك المطلوب؟

الأفضل من المنع عن العمل السلبي، هو أن نشجعه على القيام ببعض الأعمال البديلة عن الأعمال التي لا نريده أن يفعلها، أي أن نملئ وقته بما هو مفيد ومسل فلا يحتاج للمزيد من الإثارة عن طريق مخالفة كلماتنا والخروج من البيت.

وسأشرح هنا شيئًا أساسيًا هنا يمكن أن يكون نقطة تحول في طريقة تربيتك لطفلك.

إن من أكثر أسباب السلوك المتعب عند الأطفال، وربما كثير مما ذكرته في سؤالك عن سلوك هذا الطفل اليتيم ينطبق عليه هذا، هو الرغبة في جذب الانتباه لنفسه، ومن المعروف أن الطفل يحتاج لانتباه من حوله كما يحتاج للهواء والطعام والماء، وإذا لم يحصّل الطفل هذا الانتباه على سلوكه الحسن، فإنه سيخترع طرقًا سلوكية كثيرة لجذب هذا الانتباه، والغالب أن يكون عن طريق السلوكيات السلبية.

ولماذا السلوكيات السلبية؟
ببساطة لأننا، نحن الآباء والأمهات، لا ننتبه للسوك الإيجابي، وكما قال أحدهم "عندما أحسن العمل، لا أحد ينتبه، وعندما أسيئ العمل، لا أحد ينسى"!

وما يمكن أن تفعلوه مع الطفل، عدة أمور منها:
1-أن تلاحظوا أي سلوك إيجابي يقوم به الطفل، وأن تـُشعروه بأنكم قد لاحظتم هذا السلوك الإيجابي، ومن ثم تشكروه عليه.

2- أن تحاولوا تجاهل بعض السلوك السلبي الذي يمكن أن يقوم به الطفل، إلا السلوك الذي يعرض فيه نفسه أو غيره للخطر، فعندها من الواجب عدم تجاهل الأمر، وإنما العمل على تحقيق سلامة الطفل والآخرين مباشرة.

وأنصح بدراسة كتابي في تربية الأطفال، فهذا مما يعين الكثير من الآباء، ويعلمهم الصيد، بدلا من أن نعطيهم سمكة، والكتاب هو "أولادنا من الطفولة إلى الشباب" وسيعينك على تربية هذا الطفل وغيره، ويمكنكم الحصول عليه من مكتبة جرير، أو من موقع نيل وفرات دوت كوم.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مجهول Benty Ena

    جازاك الله عنا كل خير

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً