الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد موت أمي أصبت بالاكتئاب ولم أجد طعماً للحياة

السؤال

أنا فتاة عمري 24، والدتي أصيبت بمرض السرطان قبل ست سنوات، و في أيام علاجها الكيميائي انتابتني حالة اكتئاب وقلق، وألم في البطن، مع الشعور بالغثيان، ومع مرور الزمن وبعد وفاتها ازدادت حالتي سوءًا، أصبح الاكتئاب وتقلب المزاج والقلق مصاحباً لي، فلا أهنأ ولا أسعد بشيء بحياتي، وتقريبا في هذه الفترة فقدت الشهية تماماً، وأصبح جسمي هزيلا، وأحيانا أشعر بنبض في بطني، وملل من كل شيء.

أصبح مزاجي متقلبا، وأضطرب عند الخروج بالسيارة، ولا أستمتع مع إخوتي بالخروج أو في اجتماعاتي مع الناس، أشعر بينهم بالضيق والكآبة وعدم الارتياح في جلوسي ، وأحيانا أشعر بالمرح البسيط، وسرعان ما ينقبض خاطري واكتئب وأقلق من لا شيء، لا أدري هل أذهب لطبيب نفسي أم لا؟ فأنا أرى أن حالتي تزداد سوءًا مع مرور الزمن.

أرجوكم أجيبوني ما هي حالتي؟ وهل سأتحسن مع الدواء؟ وهل أدمن عليه مع الزمن؟ وكيف تصبح حياتي مع العلاج النفسي؟ وأتمنى لو تصفون لي دواء؛ لأني لا أريد الذهاب للطبيب النفسي، أجيبوني فأنا تائهة ومتعبة، وأصارع هذه النوبات التي تعكر صفو حياتي بيني وبين نفسي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رحيل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل -الله تعالى- لوالدتك الرحمة والمغفرة ولجميع أموات المسلمين.

الظرف الذي تمرين فيه من حيث المنظور والتأثير النفسي هو أنك لا زلت في مرحلة الحزن على والدتك، وظهر هذا الأمر في شكل اضطراب في المزاج، وعسر فيه، وشعور بالكدر والقلق والتوتر والانزواء الاجتماعي، مع بعض الأعراض الجسدية، وهذه من المفترض أن تكون مشاعر إنسانية طبيعية، لكن ما دام حجم الأعراض فوق طاقتك فهنا أقول لك: لابد من علاج دوائي بسيط مزيل للتوتر ولفترة بسيطة، أعتقد أنه سوف يكون جيداً، مثل عقار فافرين والذي يعرف باسم فلوفكسمين، تناوليه بجرعة 50 مليجراما ليلاً لمدة شهرين، ثم اجعليها 50 مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء، هو دواء جيد لأعراض القلق والتوتر والاكتئاب البسيط والشعور بالتوجس، وهو غير إدماني، والجرعة الكلية هي 300 مليجرام في اليوم، ولكن أرى أن 50 مليجراما سوف تكون كافية جداً.

أهم من العلاج الدوائي هو أن تتكيفي مع ظرف رحيل الوالدة إلى الدار الآخرة، هذا التكيف نقصد به أن تكون قناعتك صلبة وقاطعة أن الموت قد كتب على جميع البشر، وتحاولي أن تبني نوعاً من الجسور الوجدانية الإيجابية لأنك كنت متواصلة مع والدتك، وحدث نوع من التناهي أو التمازج الوجداني، هذا التمازج يمكن أن يستمر حتى بعد الموت، وذلك من خلال أن تدعي لها وتذكري أنه: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعوا له، وأنت إن -شاء الله تعالى- الابن الصالح، عليك بأن تبري من كانت تبره والدتك، تصدقي عنها حتى بشيء بسيط، اقرئي القرآن -وإن شاء الله تعالى- أجره يصل إليها، هذا يجعلك تحسين براحة كبيرة، وهذا الأمر مجرب جداً، ومن أفضل أنواع العلاجات السلوكية التي أراها مفيدة في مثل حالتك.

إضافة إلى ذلك أريدك أن تنطلقي في الحياة بكل قوة، أنت –الحمد لله تعالى- متزوجة ولديك التزاماتك الزوجية، قومي بهذا الدور بفاعلية، نظمي وقتك، اقرئي، اطلعي، اذهبي إلى مراكز تحفيظ القرآن، وهنالك -إن شاء الله تعالى- ستجدين راحة البال والنفس وأجر القرآن، وعليك أن تتجنبي النوم النهاري، وأن تنامي نوماً ليلاً مبكراً، وأن تدخلي شيئا من الإبداع والإضافات الجديدة على حياتك الأسرية والزوجية، هذا ممكن جداً.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً