الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حيرتي بين خاطبين، ما توجيهكم لي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لقد تقدم لخطبتي الكثير من الرجال، ما يقارب ال (20) خاطباً، في البداية كنت أرفضهم بسبب دراستي، وبعد التخرج لم يحصل أي نصيب بالزواج حتى الآن، أصبحت على مشارف ال (26) عاماً، وأنا متخوفة كثيراً من تقدم عمري، وخائفة من شبح العنوسة.

في الفترة الأخيرة تقدم لي شاب لا بأس به من أغلب النواحي، إلا أنه بعد مقابلة الشاب لأخي أخبر أخي بأنه مدخن، وأن والدته لا تعلم بأمر تدخينه، وطلب منا أن لا نخبرها؛ لأنه سيحاول ترك التدخين، وقد تركه في السابق لمدة ستة أشهر، ثم عاد له من جديد، وأخبر أخي أيضاً بأنه يذهب إلى الاستراحة أربعة مرات أسبوعياً، ولا أعلم هل سيستمر وضعه بعد الزواج هكذا؟

طلبنا من أخي أن يتصل به، وأن يسأله، هل سيقوم بترك التدخين قبل الزواج؟ وهل سيخفف من زيارته للاستراحات؟ في حال أجاب: نعم سأتركه.

كيف أعرف أنه فعلاً تركه؟ وأن تركه للتدخين ليس مؤقتاً، وليس من أجل الزواج؟ وفي حال أجاب بلا أعلم، هل أستطيع ترك خاطبي أم لا؟ وما هو توجيهكم لي؟

أنا في حيرة من أمري، وأريد منكم التوجيه، فأنا خائفة من الموافقة على الخاطب، ثم لا يترك التدخين، والتدخين معصية، وأنا لا أحتمل رائحته بتاتاً، ولا أستطيع أن أجلس في مكان فيه رائحة الدخان، وموضوع الاستراحة مزعج جداً، فهذا يعني أنه في أغلب أيام الأسبوع لن يكون معي.

والدتي تقول: بأن القرار يعود لي، واعلمي أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، لا أدري ماذا أفعل؟ أعلم أنه لا يوجد شخص كامل، لكن هناك نقص يمكن التغاضي عنه، ونقص لا يمكن التغاضي عنه.

تقدم لي شاب آخر، والذي يتضح لي ولأهلي بأنه أفضل من الخاطب السابق، مع أننا لم نسأل عنه حتى الآن، لكنه من أقاربي، وأنا لا أرغب بالزواج من شخص يكون قريباً لي.

أرجو منكم توجيهي، والدعاء لي بالتوفيق.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك - أختنا الفاضلة - في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يختار لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

أختنا الفاضلة: لقد ذكرت من خلال حديثك أنه شاب لا بأس به، دون أن تفصلي في حديثك، هل معنى لا بأس به أنه يصلي، ويصوم، وخلقه طيب بطريقة لا بأس بها، أم منظره الخارجي بالنسبة لك لا بأس به، أم ماذا؟

على العموم عندنا معيار لا يخيب وهو معيار الدين والخلق، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، فالدين والخلق هما المعيار الحقيقي عند القبول، فإن تواجدا فاحمدي الله على ذلك.

بقيت مشكلتا التدخين والاستراحة -مع العلم أنا لا نعلم طبيعة الجلوس في الاستراحة-: وهذا الأمر مع ما فيه من قلق، إلا أنه لا يعد عائقاً في الزواج، فكم من رجل كان مدخناً وابتعد عن التدخين، وكم من رجل كان مدمناً على الجلوس وحده أو مع أصحابه، لكنه تغير بعد الزواج، المهم أن مثل هذا الأمر لا يعد العائق إذا كان الرجل سليم الدين، متين الخلق، وبالنسبة لحرصه على عدم معرفة أهله فقد يكون دليلاً على أنه كاره للفعل، وحريصاً على مرضاة أهله.

لقد ذكرت أن خاطباً آخر من أهلك لا بأس به، ولكنك لا تريدين الزواج من العائلة، ونحن ننصحك أختنا: ألا تضعي عقبات اجتماعية أمام حياتك، انظري فإذا كان قريبك هذا أفضل تديناً، وأفضل أخلاقاً من الآخر، فاستخيري الله عز وجل عليه، لا تقدمي على أي أمر أختنا إلا بعد الاستخارة.

وصلاة الاستخارة كما في حديث جابر بن عبد الله قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ يَقُول: إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ: (اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ, وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ, وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ, وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ, وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ, اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ "هنا تسمي حاجتك" خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي، أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ, فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ, اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ "هنا تسمي حاجتك" شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ, فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ أرضني بِهِ " وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ "، وَفِي رواية (ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ).

ثم بعد الصلاة، والاطمئنان، والاستشارة، توكلي على الله بالموافقة على من تقدم، فإن تيسر الأمر فهذا هو الخير، وإن حدث غير ذلك فهو الخير، نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن ييسر أمرك.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً