الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

غضب أمي وأخواتي من بقاء جدتي لأبي لدينا يسمم حياتنا ويدمر أسرتنا

السؤال

السلام عليكم

بداية كلامي أود أن أعبر عن رغبتي وراء كتابتي، وهي أني أتمنى من الله أن أعيش حياة طبيعية، أي تلك الحياة التي ينعم بها أفراد الأسرة المتحابين كما أراهم، أنا من الأشخاص الهادئين نسبيا، ولي ثلاث أخوات، أحاول أن أكون قريبة لأصغرهن وكأني أردت أن أشعر نفسي بذلك الجو الأسري والمحبة بين الأخوات، ورعاية الأم لهن، جدتي لوالدي تعيش معنا لرفض عمتي أن تعيش عندها، وقد غضبت والدتي لذلك جدا، وكثيرا ما تشاجرت مع والدي قبل أن يسافر لأنه تركها معنا، ولا يستطيع أن يجبر عمتي أن تأخذها، ولكن أبي يخاف الله وليس بيده شيء من قسوة أخته، فقد كان قليل الحيلة في موضوع كهذا، وأنا متعاطفة معه جدا.

وحاولت أن أخفف عن أمي بأن الله أراد أن يبعث لك بحسنات، فاصبري وارضي لعل الله يجعل رعايتك لها في ميزان حسناتك، مع العلم أن جدتي ليست مقعدة، هي فقط تلح في طلب الشيء كغيرها من كبار السن، طلبات مثل طعام أو تغيير ملابس، إلا أن أمي كل صباح توقظنا على صراخها على جدتي في أتفه الأمور، باتت لا تطيق من جدتي كلمة، وحياتنا توترت جدا، أمي في الأساس متوترة، ولكني أتحدث عن ما يحدث مؤخرا، مما يجعلني أكره رؤية أمي بتلك الصورة وهي تسب وتلعن سيدة طاعنة في السن، لا يعلم أحد عن وجودها غير الله وحده، وأختي الكبيرة تفعل الأمر عينه معي جدتي، وكذلك أختي التي تصغرني بعام، وأنا حاليا تركت عملي محاولة أن أعين أمي، ولكن ذلك لا يمنعها من نهر جدتي، وقد سافر أبي بناء على رغبة أمي حتى أني شعرت بأنه لا يريد السفر، فهو يكره الغربة، ولكني فضلت فكرة سفره ظنا مني بأنه سيبتعد عن المشاكل فهو طيب القلب جدا.

هكذا هو بيتنا، ورغما عني أقارن بينه وبين البيوت الأخرى من بيوت أصدقائي، لا أشعر بينهم بالجفاء، أما الفكرة الأساسية داخل رأسي فهي أني غير سوية وكذلك أخواتي، لا أستطيع أن أتحدث مع أخواتي، فلم يكن بيننا ذلك الحديث الأخوي، ولكن -والحمد لله- أحاول أن أكون أختا حقيقية لأختي الصغرى لأشعر نفسي وأشعرها بذلك الجو، وكثيرا ما تكلمت مع والدتي بشتى الطرق بأنني لا أرغب برؤيتها تسب وتلعن بأقذر الشتائم، وهي مرات تنهرني ومرات تقول لي: أنا أسب في البيت فقط، أما في الخارج فلا أسب. ولم أفهم تلك الإجابة أبدا، لا أرغب في الزواج خوفا من أن يذلني زوجي يوما ما بمعاملة أمي لي، وأرغب في الزواج حتى أنهي تلك المشاكل، لعل البعد يقللها فنحافظ فقط على ما تبقى بيننا إن كان لا يزال هناك شيء، لست سعيدة بما أتحدث به عن أمي، فأنا أرغب في حياة طبيعية أتحدث فيها عن أمي كما يجب أن يقال عن الأم.

وشكرا جدا لرحابة صدرك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يوفقك وأن يصلح الأحوال، وأن يطيل في طاعته الآجال، وأن يحقق لنا ولكم الآمال.

لقد أسعدتنا جدا فكرة السؤال، ونحيي مشاعرك النبيلة تجاه كل من حولك، ونسأل الله أن ينفع بك، ونتمنى أن تقتربي من الوالدة ومن الجدة ومن أخواتك، وأنت -ولله الحمد- في سن تمكنك من التأثير فاستعيني بربنا القدير، وأحسني للصغير ووقري الكبير، وحاولي أن تقومي بخدمة جدتك، وجندي نفسك لتلبية طلباتها، واعلمي أن هذا لون من البر بأبيك وأنت من سيجني ثماره وآثاره، وارفعي من معنويات والدتك وخففي من معاناتها في خدمة كل من في المنزل بما فيهم الجدة.

ولا شك أن قيامك على جدتك سوف يحسن بيئة المنزل، وسوف يقل التوتر الحاصل مع الوالدة ومنها، وعندها سوف يتحقق لك ما تريدينه من الهدوء، ومن الرغبة في رؤية والدتك في هدوء، وأسعدنا ثناؤك على الوالد، ونتمنى أن لا يعرف ما يحصل مع والدته، وتواصلي مع أخواتك واكسري الحواجز الوهمية، واعلمي أن الإنسان يتفاعل ويتواصل عندما يجد من يحادثه في همومه.

ووصيتنا لكم جميعا بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، وقد أحسنت برغبتك في الزواج، ولكن ليس لأجل البعد منهم وعنهم وإنما لأن الزواج سعادة، ونسأل الله أن يقدر لكم الخير ثم يرضيكم به، وأن يؤلف القلوب ويغفر الذنوب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات