الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اعتزلت جميع الناس بسبب الخوف والتوتر، فهل السبرالكس مفيد لحالتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لن أطيل المقدمة، أنا فتاة أبلغ من العمر (22) سنة، عشت طوال عمري خارج البلاد، وكأي بلد أجنبي كانت المعاملة عنصرية، فهم برمجوا شخصيتي حتى تكون شخصية معدومة.. هذه المقدمة خلفية عني.

تلقيت صدمة من خطيبي، وبعد الصدمة التي تلقيتها منه منذ ثلاث سنوات، بدأت أعاني من اضطراب نفسي غريب، كانت سنة تخرجي فعدت إلى بلدي, حينما كان يستقبلني الناس في المطار بدأت أرتعش من الخوف, لم أفهم ما هذا الذي يحدث لي، ذهبت إلي منزلنا وأنا أشعر بهذا الهلع كلما تحدثت، حتى لو كان الحديث مع والدي أو أختي أشعر بالخوف، كنت خائفة بشكل دائم، ولا أريد أن أدخل في تجربة اجتماعية؛ حتى لا أمر بتوتر نفسي، بل كان توتري حتى وأنا لوحدي، تطورت حالتي فصرت أخاف من النظر إلى المرآة، واستمرت المعاناة حتى التحقت بكلية الطب النفسي للدراسة.

رغم تذكري بأن الأجانب بكل الطرق طمسوا شخصيتي بالتهكم، إلا أن هذا الأمر أثر فقط على شخصيتي من هذه النواحي: أخذ حقي من الناس، وعلى الثبوت في كلمتي، والمدافعة عن نفسي، فكنت دائماً ما أشعر بأنني لا أستحق؛ فأنا لست مهمة، المهم هم الناس, غير ذلك فأنا شخصية مميزة ومرحة، ولا يقال عني بأنني أعاني من الخلل في شخصيتي، رغم ذلك واستناداً على خبرتي البسيطة في الطب النفسي، إلا إنني استنتجت بأن لدي خوفاً من كياني ووجودي، وأنني لن أجد الاحترام، ولن أُقابل بمعاملة حسنة، وشعوري بأنني لست شخصية قوية، فهذه الأمور تنعكس علي كل عمل أقوم به، فيصاحبه خوف شديد، حتى عندما أداعب القطة الصغيرة يراودني هذا الخوف وهذه المشاعر.

بدأت منذ سنة في العلاج، وصرت أتناول جرعة (سيرباليكس) (10 - 15 ملم)، ولأنني أملك خلفية عن المعالجات النفسية والسلوكية فأنا أعلم كيف أسيطر على أفكاري، وأحاول قدر المستطاع أن أواجه مخاوفي ولكن -يا سيدي الفاضل- كل هذا دون جدوى، علماً بأنها انخفضت إلى درجة بسيطة جداً، إلا أنني لهذا اليوم ما زلت أعاني منها، والغريب بأنهم يقولون حينما يواجه الشخص الموقف نفسه مرات عدة فإنه يعتاد عليه، استناداً إلى هذا الرأي لماذا ما زلت أشعر بالخوف في بعض الأحيان وأتوتر عندما تدخل أختي بشكل مفاجئ؟ علماً بأنني أنا من تسيطر على أختي، والكلمة كلمتي في البيت.

ماذا يحصل لي؟ فقد اعتزلت جميع الناس، ولم أعد أخرج من بيتي منذ ثلاث سنوات، حينما أخرج إما للدراسة أو المكتبة، لقد كرهت الدراسة، وأسعى لتناول الطعام حتى أشبع حزني فزاد وزني، ما زلت أعاني من الخوف، وعدم القدرة على مواجهة الآخرين، والرعب من وجود نفسي ومواجهة العالم وأصغر التفاصيل, كيف يمكنني الاستمرار ومبدأ الحياة هو الأخذ والعطاء بين البشر؟ سؤالي، هل أغير الدواء؟ أنا ثابتة على عقار (سيربالكس)، لأنه لا يسبب الإدمان، وهل ما أعانيه يعد طبيعياً؟ وهل يحدث عند باقي البشر؟

ملاحظة: أنا أعاني من العين والنفس الشديدة.

بارك الله فيكم..

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

من الواضح أن الأمر كله يتعلق بنوع من المخاوف، والتي تطورت لتشمل الجانب الاجتماعي في جوهرها، وعدم الاستقرار الوجداني بعد الصدمة التي تلقيتها من الخطيب، ربما يكون أدَّى إلى نوعٍ من الهشاشة النفسية التي جعلتك تتفاعلين سلبًا حتى مع الأحداث الجميلة، مثل تخرُّجك واستقبال الناس لك.

ويُعرف أن بعض الأشخاص أصلاً لديهم عوامل مُهيأة، أي نوع من الاستعداد للخوف والقلق، وحين تأتي أحداث حياتية تؤدي إلى ظهور الصورة الكلية للقلق والمخاوف.

أيتها الفاضلة الكريمة، أنا أعتقد أن الذي تحتاجين إليه بالفعل هو تجاهل كل هذه الأفكار، والنظر للحياة من منظار إيجابي، فأنت صاحبة إنجاز، والمخاوف هي تجربة شخصية، لكنها تُسيطر على الإنسان إذا كان لديه قلق توقعي، أي أنه يكون دائمًا في انتظارها ومتوجِّسٌ ومتخوّفٍ، ويلجأ للتحليل الوسواسي للأمور، هذا لا أريدك أبدًا أن تقعي فيه، حقّري هذه الأفكار، وانطلقي في الحياة، وأنت -إن شاء الله تعالى- بخير، ولديك مقدرات كثيرة جدًّا.

لا بد أن تكون لك برامج يومية للخروج من البيت، لا يمكن أن تنغلقي في البيت لمدة ثلاث سنوات؛ هذا خطأ، وليس هنالك ما يمنعك أبدًا، وحين تبدئين في التواصل الاجتماعي سوف تحسين أن هناك قلقاً وتوتراً، لكن بالاستمرار في هذا التواصل سوف ينخفض تمامًا مستوى الخوف والقلق، ويحدث لك نوعٌ من التطبع الإيجابي جدًّا.

بالنسبة للعلاج الدوائي: (سبرالكس Cipralex)، والذي يعرف علميًا باسم (استالوبرام Escitalopram) دواء جيد، لكن أعتقد أن (زيروكسات Seroxat)، والذي يسمى علميًا باسم (باروكستين Paroxetine)، أفضل في مثل هذه الحالات، ولو قابلتِ طبيبًا نفسيًا أعتقد أن هذا أيضًا سوف يكون مُجديًا جدًّا.

عليك بالتمارين الرياضية، فالرياضة مفيدة جدًّا لتقوية النفوس، وكذلك لتقوية الأجسام، وسوف يساعدك هذا قطعًا في موضوع الوزن.

ما يحدث لك يحدث للكثير جدًّا من الناس، فلا تنزعجي أبدًا، والأمر بسيط، وعلاجه ممكن.

بالنسبة للعين –أيتها الفاضلة الكريمة–، سَلِ الله تعالى أن يحفظك، وحافظي على عباداتك وأذكار الصباح والمساء، فهي الحصن الحصين، وعليك بالرقية الشرعية.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً