الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انتقلت من السعودية إلى أمريكا فعاودتني أعراض القلق والضيق.. هل الأمر نفسي أم روحي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

دكتوري الفاضل في البداية أشكركم على هذا الصرح الطبي العظيم.

أعرض لكم أمري الغريب في نهاية عام 2009 أصبت بالقولون العصبي الذي آلمني كثيرًا، واستمر معي في مغص وألم لمدة 6 أشهر، وبعدها صرت أتأقلم معه فيأتي ويذهب، وأنا محتسب.

عند منتصف عام 2011 أتتني أول نوبة هلع، وبعدها دوخة وأرق، وخوف وبعد الإفاقة منها أتتني ضيقة لمدة أسبوع وذهبت واستمرت الأعراض تأتي وتذهب، وبعدها استمر معي قلق وعسر في المزاج، إلى عام 2013 قمت باستخدام دوغماتيل بجرعة 100 ملغ يوميًا، -والحمد لله- غابت جميع الأعراض واستمريت عليها إلى الآن، لكن في بداية عام 2015 انتقلت من السعودية لأمريكا، فعاودتني أعراض القلق والضيقة تأتي وتذهب، لكنها أشد شراسة من ذي قبل، أم أني أصبحت أقل جلادة؟

مع العلم أنني ما زلت أستخدم الدوغماتيل، وأيضًا أتتني حالات ضيقة تستمر لمدة أسبوع مما أثر عليّ في مجرى حياتي، وقد خضعت لعدة جلسات علاج معرفي سلوكي لمدة 6 أشهر، ولم تأت بتلك النتيجة خاصة في وقت اشتداد النوبة.

أنا الآن أطلب العون منكم ماذا أفعل؟ وهل سأعود كما كنت؟ فأنا الآن في حيرة، هل الأمر مرض نفسي أم روحي؛ لأنني -ولله الحمد- لا أعاني ضغوطًا نفسية.

هل يجب أن أستخدم علاج غير الدوغماتيل؟ وهل سوف يعالجني أم أنه مهدئ؟ هل الدواء النفسي يشكل خطرًا؟ وهل سوف يسبب إدمانًا أو تعودًا؟ هل سأبقى هكذا بقية حياتي أم ماذا؟ هل القلق يسبب آلامًا أسفل الظهر؟

أرجو منكم إفادتي، ولكم مني جزيل الشكر وخالص الدعاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مناضل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أخي: كما تعلم أن القلق النفسي قد يكون مكوِّنًا أساسيًا لإثارة القولون العصبي، وحين تستمر الأعراض لفترة طويلة – أي أعراض القلق والقولون العصبي – ربما يدخل على الإنسان شيء من المزاج الاكتئابي، وقد لا يستشعره الإنسان في شكل اكتئابٍ نفسي حقيقي، لكن يُلاحظ فقط أن طاقاته النفسية وكذلك الجسدية ليست على ما يُرام، وتظل الأعراض كما هي تتأرجح بين الشدة والقِلَّة والعُرضة للانتكاسات المتعددة.

فأخي الكريم: أنا أرى أن حالتك حالة نفسوجسدية، لا أعتقد أنه مرض روحي، لكن الإنسان المسلم دائمًا يكون حذرًا ويقظًا ومتنبهًا، بأن يُحافظ على عباداته، وأن يُحصِّن نفسه، وأن يحرص على أذكاره.

يُضاف إلى ذلك أن يكون نمط الحياة نمطًا إيجابيًا: الرياضة وممارستها بصورة متصلة، أراها دائمًا أمرًا مفيدًا في علاج هذه الحالات النفسوجسدية.

وبعد ذلك نأتي للعلاج الدوائي، الدوجماتيل دواء جيد، لكنه ليس بالفعالية التامة في كثير من الحالات، والدوجماتيل أنا أعتبره علاجًا داعما وليس علاجًا أساسيًا، بالرغم من جودته في علاج الكثير من الحالات البسيطة، ولذا أقترح عليك أن تتناول عقار (زولفت)، والذي يعرف علميًا باسم (سيرترالين).

السيرترالين دواء رائع جدًّا، يُحسِّن المزاج، ويُزيل القلق والتوترات، وقطعًا سوف يكون له أثر إيجابي كبير عليك.

الجرعة هي نصف حبة (خمسة وعشرون مليجرامًا) تتناولها ليلاً لمدة شهر، وهذه جرعة بسيطة جدًّا، استمر على هذه الجرعة لمدة شهرٍ – كما ذكرت لك – ثم ارفعها إلى حبة كاملة ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

بهذه الطريقة – أخي الكريم – أعتقد أنك تكون قد تناولت دواءً جيدًا وفاعلاً وسليمًا وصحيحًا وغير إدماني.

وبالنسبة للدوجماتيل: بعد أن تبدأ في تناول السيرترالين اجعل جرعة الدوجماتيل خمسين مليجرامًا فقط في اليوم، لا داعي أن تتناول مائة مليجرام؛ لأن فعالية السيرترالين بالفعل مضمونة، وجرعة خمسين مليجرامًا من الدوجماتيل ستكون كافية جدًّا كجرعة داعمة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، وكل عامٍ وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً