الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشكو من اكتئاب ووساوس محبطة، فما علاج ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالب في الجامعة, عمري 20 عاما, عانيت من الاكتئاب سابقا, وبدأت القصة عندما ذهبت إلى النوم كالعادة, وبعد أن وضعت رأسي على الوسادة أحسست بخوف مفاجئ لا أعرف مصدره, وبقيت مستيقظا أتقلب في سريري حتى الفجر.

استمررت على هذه الحالة ثلاثة أيام, ذهبت إلى طبيب أعطاني الدواء، وبعد أسبوع أحسست بتحسن, سافرت بعدها ولم آخذ دوائي معي, يعني ظننت أنني شفيت؛ فانتكست أكثر من ذي قبل، وأخذت الدواء ثانية, بعد العودة من السفر تخليت عن الدواء لأني لم أكن أريد الاعتماد عليه؛ فانتكست من جديد, وقاومت الأرق والأعراض، ودعوت الله، وواظبت على الصلوات في المسجد، وتقربت من الله، وأيضا بمساعدة والدتي بدأت أسترجع قدرتي على النوم شيئا فشيئا، إلى أن شفيت بنسبة 80% والحمد لله، هذا اختصار ما وقع.

لكن المشكلة أني بعدها تأتيني نوبات اكتئاب بين الحين والآخر, فعلى سبيل المثال: عندما أكون جالسا وأضحك مع عائلتي تأتيني مجموعة من الأفكار دفعة واحدة، وهذه الأفكار يكون مضمونها: هل شفيت حقا من الاكتئاب؟ لماذا تبدو سعيدا؟ السعادة لن تدوم، إذا شفيت الآن يوما أو يومين ستعود كما كنت مكتئبا.

لماذا تتعلم هذه اللغة؟ أنت تعاني من الاكتئاب, سيأتي يوم وتستسلم، هل تظن أنك ستنام جيدا هذه الليلة؟ سيعود الأرق من جديد, وستصاب بالخوف أثناء نومك ثانية (ومع ذلك أنام في الليل).

أو عندما أشاهد فيلما, وأرى شخصا يسكن لوحده، أو أني مغترب؛ ينقبض قلبي قليلا، وأقول مع نفسي: أنى له أن يتحمل شيئا كهذا؟ فبعد هذه الأفكار ينقبض على قلبي قليلا، وأصاب بالحزن, زد على ذلك التفكير في العمل, وأني لن أتحمل الضغوط التي سوف تطبق علي.

هل تظن يا دكتور أن الاكتئاب سيتمكن مني من جديد؟ علما أني عندما كنت مكتئبا لم أكن أستمتع بالأشياء التي كنت أستمتع بها من قبل, ولكن الآن أصبحت أستمتع بها إلى حد ما، وهذا الحزن الذي أحس به لا يدوم طويلا, يذهب وحده.

أتمنى أن أكون قد تمكنت من شرح حالتي جيدا سيدي الدكتور.

شكرا جزيلا على كل ما تفعله من أجلنا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ hicham حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ما حصل لك عندما كنت طالبًا هو حالة من القلق والتوتر الشديدين، وعادةً تحصل في مثل سِنِّك هذا، خاصة طلاب الجامعات مع ازدحام الحياة الطلابية، وتوترها الأكاديمي والاجتماعي والنفسي، وغالبًا لا ألجأُ كثيرًا لإعطاء أدوية في مثل هذه الحالات، وحسنًا فعلت والدتك بأن جعلتك ترجع إلى النوع الطبيعي، وحسنًا فعلتَ أنت برجوعك إلى الله، وإلى الصلاة، والحمد لله تخلصت من هذه الحالة.

الإجابة –يا ابني– عن الخوف من عودة الاكتئاب فقد جاوبتَ جزءً منها بنفسك، بأنك الآن الحمد لله كنت تستمتع بالحياة وبالأشياء التي كنت تستمتع بها من قبل، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: أبشرك أن ما حصل معك من قبل والآن ليس هو اكتئاب بالمعنى المعروف، أي أن مرض الاكتئاب نفسي، وإنما هو اكتئاب ثانوي لما عانيت منه سابقًا، وتعاني منه الآن من مخاوف وسواسية.

كل ما قمت بشرحه بالتفصيل –يا ابني الكريم– ما هو إلا مخاوف وسواسية، وأفكار وسواسية، تتردد عليك بصورة متكررة، وتُكدِّر عليك حياتك، وليس هو اكتئاب نفسي، بل مخاوف وسواسية تكرر، وتكون بصورة مزعجة ومؤلمة.

العلاج هو أن تتجاهل هذه الأفكار الوسواسية، كيف تجاهلها؟ بأن لا تنشغل بها، انشغل عنها، وحاول دائمًا التفكير في أشياء إيجابية، التفكير في الأشياء الجميلة التي مرَّت بك، التفكير في أنك كيف استطعت التغلب على صعوبات سابقة، وكيف استمرت حياتك بصورة سلسة وجميلة، وفكِّر في إجازة قضيتها، وفكر في سفرة سافرتها، كلما كان التفكير إيجابيًا في أشياء جميلة سوف يقل التفكير الوسواسي.

الشيء الآخر: حاول ممارسة الاسترخاء، بممارسة الرياضة خاصة رياضة المشي، والمحافظة على الصلوات خاصة الصلاة في المسجد مع الجماعة، والمحافظة على الأذكار وقراءة القرآن والدعاء، وبإذن الله تعالى لن يعود إليك حتى الاكتئاب الثانوي في حالة نجاحك في التغلب على هذه الأفكار الوسواسية.

وفقك الله وسدَّد خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً